मदीना फादिला कब्र तारीख
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
शैलियों
فاستطردت قائلا: وإذن فليس لك، أيها الصديق الكريم، أن تستخدم القوة مع الأطفال، وإنما عليك أن تجعل التعليم يبدو لهوا بالنسبة إليهم. وبهذه الطريقة يمكنك أن تكشف بسهولة ميولهم الطبيعية. - هذه خطة حكيمة حقا. - ألا تذكر، ضمن ما قلناه من قبل، أن علينا أن نجعل أطفالنا يشاهدون الحروب وهم على ظهور الخيل، حتى إذا ما زال خطرها اقتربنا بهم من ميدان المعركة لنذيقهم طعم الدم كما نفعل مع صغار الكلاب؟ - إنني لأذكر ذلك. - وإذن فسنفعل الشيء عينه في كل هذه الدراسات والتدريبات والمخاطر، بحيث نختار من يبدي فيها مزيدا من التفوق، لنضعه في قائمة منتقاة. - في أي سن؟ - في السن التي يترك فيها الأطفال مرحلة تدريبهم البدني الإجباري، إذ إنه خلال هذا الوقت، الذي يدوم ما بين سنتين وثلاث سنوات، يكون من المستحيل عليهم أن يفعلوا شيئا آخر، لأن الإرهاق والنعاس عدوان للدرس. كذلك فإن هذه المرحلة البدنية تنطوي على اختيار عظيم الأهمية، ندرك منه مدى قدرة كل منهم على تحمل أعمال البدن. - بالتأكيد. - وبعد ذلك، نختار من الشباب من بلغوا سن العشرين، ونضفي عليهم مزيدا من التكريم. وهكذا نلقنهم تلك العلوم التي عرفوها منفصلة في طفولتهم، في صورة متجمعة مترابطة، حتى يدركوا العلاقات التي تربطها بعضها ببعض، وتربطها بالوجود الحقيقي في الوقت نفسه. - لا شك في أن هذا هو النوع الوحيد من المعرفة الذي يرسخ في الأذهان بحق. - وهو أيضا خير معيار تميز به المواهب القادرة على دراسة الدياليكتيك؛ إذ إن الذهن القادر على النظر إلى الأمور نظرة شاملة، هو الأصلح للدياليكتيك. - إنني لأوافقك على ذلك. - وإذن فسوف تلاحظ هذه الصفات عن كثب، وتختار أولئك الذين يملكونها أكثر من غيرهم، والذين يثبتون أعظم قدرة على استيعاب العلوم، وأكبر قدرة على رباطة الجأش في الحروب وغيرها من الواجبات المفروضة عليهم. وعندما يبلغون سن الثلاثين، سنضفي عليهم مزيدا من التكريم، ونختبرهم عن طريق الدياليكتيك، باحثين بذلك عن أولئك الذين يمكنهم الارتقاء إلى الوجود الخالص سعيا وراء الحقيقة، دون معونة العين أو أي حاسة أخرى. وهذه، أيها الصديق، هي المرحلة التي يتعين علينا فيها أن نحتاط إلى أبعد حد.
12 - فإذا ما كرس المرء نفسه تماما لهذه الدراسة، وثابر عليها وحدها دون انقطاع، مثلما ثابر من قبل على تدريب جسمه، فهل يكفيه أن يخصص لها ضعف عدد السنين التي خصصها للتدريب البدني؟ - أتعني ست سنوات أم أربعا؟ - لنجعلها خمسا كي لا نختلف، وبعد ذلك سنعيدهم إلى الكهف الذي تحدثنا عنه، ونرغمهم على تولي المهام العسكرية وكل الوظائف التي يصلح لها الشبان، حتى لا يكونوا أقل خبرة من الباقين. وخلال عملهم في هذه المهام يمكنك أن تتحقق، مرة أخرى، مما إذا كانوا سيصمدون لكل المغريات التي تتجاذبهم من جميع الجهات، أم أنهم سينقادون لها. - وكم من الزمن تخصص لهذه المرحلة؟ - خمسة عشر عاما. وعندما يبلغون سن الخمسين، علينا أن نأخذ منهم أولئك الذين صمدوا لكل التجارب، والذين تميزوا عن كل من عداهم في الشئون العملية وفي المعرفة، فنسير بهم نحو الهدف النهائي. وعلى هؤلاء أن يرفعوا عين النفس ليتأملوا ذلك الذي يضفي النور على كل شيء. فإذا ما عاينوا الخير في ذاته، فإنهم سيتخذونه نموذجا ينظمون تبعا له المدينة والأفراد، وكذلك أنفسهم أيضا. وخلال ما تبقى لهم من العمر، يكرسون للفلسفة أكبر قدر من وقتهم، ولكن إذا ما جاء دورهم، فإنهم يتولون زمام السياسة، ويتناوبون الحكم من أجل المصلحة العامة وحدها، ويرون في الحكم ذاته واجبا لا مفر منه، أكثر من كونه شرفا. وبعد أن ينشئوا في كل جيل مواطنين آخرين على شاكلتهم، ليحلوا محلهم في رعاية الدولة، ينتقلون إلى سكنى جزر السعداء. أما الدولة فإنها تقيم لهم النصب التذكارية وتقدم من أجلهم القرابين، وتعدهم آلهة مباركين، إذا سمحت النبوءة «البيثية» بذلك، وإلا عدتهم نفوسا بشرية فيها نفخة من الروح الإلهية على الأقل. - إن الصورة التي قدمتها لحكامنا لرائعة بحق، وإنها لصورة يعجز عن صوغها أبرع مثال. - وهي تنطبق أيضا على حاكماتنا يا جلوكون؛ فلا تظن أن ما قلته يسري على الرجال دون النساء، بل إنه لينطبق عليهما معا، ما دام هؤلاء يتمتعن بالمواهب اللازمة.
13
لقد أوشك اهتمامنا حتى الآن أن ينصب على اختيار الحراس وتربيتهم والمنظمات التي تدبر شئونهم، لكي يؤهلوا للقيام بواجبهم في حكم المدينة والدفاع عنها. ولكننا لم نذكر شيئا عن الأمور التي تتعلق بالإنتاج والتوزيع، ولا عن الفلاحين، والصناع والتجار الذين لا تستغني عنهم الحياة في المدينة. والواقع أن أفلاطون لم يهتم بهم إلا قليلا، لأنه تصور أنه إذا وجدت الحكومة الصالحة، فإن سائر ما في الدولة يمكنه أن يعنى بنفسه. ولهذا فإن الجمهورية تعتبر وصفا للطبقة الحاكمة المثالية، أكثر مما هي وصف للدولة المثالية؛ لأنها تتكلم قليلا عن المنتجين الذين يبدو أنهم تركوا لتنظيماتهم القديمة. وبهذا تقع مهمة التشريع للأمور المتعلقة «بالعامة» على عاتق الفلاسفة: - ولكن خبرني، أيجدر بنا أن ننظم قوانين شئون الأسواق، كالمعاملات بين البائعين والمشترين، والعقود التجارية، والأمور المتعلقة بالاعتداء بالسباب أو القذف، وإجراءات رفع الدعوى في المحاكم، وتكوين القضاة، وجباية الضرائب ودفعها في الأسواق والموانئ، وبقية الشئون المتعلقة بإدارة الأسواق وتنظيم الطرق ومرور السفن وما شاكلها؟ - كلا، لست أرى ما يدعونا إلى أن نضع للأمناء من الناس قواعد يسلكون تبعا لها في هذه الأمور؛ إذ إن في وسع هؤلاء، أن يهتدوا من تلقاء أنفسهم إلى معظمها.
14
ويفتش المرء عبثا في «الجمهورية» عما يدل على كيفية تدبير طبقة المنتجين لشئون حياتهم، غير أن هناك لمحات قليلة تشير إلى أن الملكية الخاصة لم تلغ، وأن الزواج والحياة العائلية قد سمح بهما على الطريقة القديمة. ويبدو أن أرسطو كان على حق في نقده لأفلاطون ، لأنه لم يحدد وضع الهيكل الرئيسي للدولة الذي لا يتكون من الحراس فحسب، بل من مجموع المواطنين الآخرين. إن هؤلاء المواطنين سوف يفضلون في رأي أفلاطون أن يتركوا كل شئون الدولة في أيدي الحراس، وأن يزودوهم بالضروريات الأساسية للحياة في مقابل العمل الإداري الذي يتولونه نيابة عنهم.
وربما يكون أفلاطون، من وجهة نظر ماركسية، قد وقع في تناقض شديد لأنه لم يعط حراسه أي سلطة اقتصادية. فهم صفر الأيدي من الملكية، ولا يسمح لهم بلمس الذهب والفضة، وإذا تلقوا أجورهم على شكل سلع أو منتجات طبيعية، فمن الواضح أنها ستكون أجورا متدنية، لأن الانغماس في الترف محظور عليهم. أما المنتجون فيملكون السلطة الاقتصادية الكاملة، على الرغم من حرمانهم من أي سلطة سياسية. «والنتيجة الضرورية المترتبة على هذا» كما يقول أرسطو «هي أن تكون هناك دولتان في دولة واحدة، وأن تتبادل الدولتان الكراهية والعداوة.» وقد توسع ألكسندر جراي
Alexander Gray
في هذه الفكرة، فلاحظ أن «عصرا غرست فيه أهمية السلطة الاقتصادية، وما زالت تغرس، لن يجد صعوبة كبيرة في تحديد أي الدولتين المتبادلتين للعداوة سيخرج من السباق بأكبر فائدة.»
وإذا كان قيام أفلاطون بالفصل بين السلطة الاقتصادية والسلطة السياسية يبدو للوهلة الأولى أمرا غير واقعي، فمن الخطأ الاعتقاد بأن الحراس واقعون تماما تحت رحمة بقية المواطنين، الذين سيكونون في وضع يسمح لهم بأن يعرضوا الحراس للجوع لو أرادوا ذلك. وإذا لم تكن للحراس سلطة اقتصادية، فإنهم يملكون السلطة العسكرية؛ لأنهم المواطنون الوحيدون المدربون على خوض الحروب. وليس من الصعب التكهن بأن المزارعين إذا رفضوا إمدادهم بالطعام فسوف يسرع المساعدون بإجبارهم على ذلك. وهناك فقرات عديدة تبين أن أفلاطون لم يتخيل أن شئون جمهوريته المثالية ستسير دائما بسهولة ويسر، وأن المساعدين لن يكون من واجبهم الدفاع عن الدولة ضد العدوان الخارجي فحسب، بل سيكون عليهم أيضا أن يدافعوا عنها ضد المتمردين عليها من الداخل.
अज्ञात पृष्ठ