اشترك بالمدرسة منذ إنشائها في ميتلين إخوته الثلاثة وبعض الأصدقاء، ولكن عدد التلاميذ أخذ يزداد في أثينا. ولم تقتصر المدرسة على قبول طلبة الفلسفة فقط، بل ضمت الأصدقاء والأطفال والعبيد والصواحب. وكان لاشتراك المرأة في الحديقة أثره في التشنيع على المدرسة ، وذريعة اتخذها خصومه لاتهامه بالباطل؛ إذ لم يكن من المألوف فتح أبواب المدارس الفلسفية للمرأة، فيما عدا مدرسة فيثاغورس التي كانت في واقع الأمر فرقة دينية.
والرابطة الأساسية التي كانت تجمع بين أفراد المدرسة هي الصداقة. وكانت حياة الجماعة - أو الفرقة - في المدرسة بسيطة جدا، لا لأن تعاليم المدرسة كانت تنصح بالبساطة، كما هي الحال في سائر المدارس الأخرى، بل لحاجتها إلى المال. وكان طعام إبيقور الخبز والماء، وكذلك باقي التلاميذ، وفي ذلك كفاية لحفظ الحياة. ومن أقوال إبيقور: إن بدني لينتشي حين أعيش على الخبز والماء، وإني لأبصق على اللذات المترفة، لا لذاتها، بل بسبب ما تجلبه من عواقب غير حميدة.
اعتمدت المدرسة على الهبات التي كان يطلبها صاحبها من الأصدقاء ومن التلاميذ، وهذه الهبات بعضها من الطعام الذي يحتفلون به في أعيادهم، وبعضها من المال. وقد جاء في إحدى الروايات أنه سأل أحدهم أن يهب المدرسة جبنا يأكلونه في العيد.
وكان إبيقور سليط اللسان على أصحاب الفضل عليه في تعلم الفلسفة؛ إذ أنكر كل فضل لديمقريطس ولوقيبوس صاحبي المذهب الذري، ووجه إليهما أقذع الشتائم. والمذهب الإبيقوري مادي ذري من جهة النظر إلى الفلسفة الطبيعية، وداع إلى اللذة في الأخلاق.
اللذة هي الخير، وهي بدء الحياة السعيدة ونهايتها.
ومن أقواله التي حفظت في كتب المؤرخين: لست أدري كيف أتصور الخير إذا نزعت عنه لذة الذوق، ومتعة المرأة، وبهجة السمع والبصر؟
ومن أقواله أيضا: أول كل خير وأساسه لذة البطن، وحتى الحكمة والثقافة فإنهما يرجعان إليها.
ومع أن اللذة هي مبدأ الحياة، إلا أن الإنسان لا ينبغي أن يقبل عليها دون نظر إلى عواقبها، فإن كانت وخيمة، فلا بد من التضحية بها، بل تحمل الألم المؤقت في سبيل اللذة المستقبلة. واللذة عنده هي البعد عن الألم وتجنبه أكثر منها إقبال على المتعة. وهذا هو السبب في الزهد في الطعام؛ لأن عواقب التخمة وخيمة. والصلة الجنسية لا تؤدي إلى خير أبدا، والسعيد السعيد من لم يصب منها بضرر. أما رأس الفضائل فهي الصداقة، وهي لا تنفصل عن اللذة؛ إذ من دونها لا يعيش المرء آمنا بغير خوف.
والخوف محور آخر لفلسفة إبيقور، وتجنبه هو الذي يحقق اللذة، ومن أقواله في ذلك: لا تسرف في الأكل خشية سوء الهضم، ولا في الشرب خشية ما يحدث صباح اليوم التالي. واحتقر السياسة والمرأة وسائر الأعمال الشهوانية. على الجملة: عش واتق الخوف.
ومصادر الخوف أمران - في زمانه طبعا - الدين والموت، وهما متصلان؛ لأن الدين الذي كان سائدا كان يعلم أن الموتى أشقياء؛ ولذلك نادى بفلسفة تستبعد من الدين ما يجعله يبعث الخوف. ومذهبه أن الآلهة لا تتدخل في شئون البشر، وأن الروح تفنى بفناء البدن. إنه لا ينكر وجود الآلهة، فهي موجودة، ولكنها لا تتدخل في أعمال البشر، ولا تعنى بهم، فلا حاجة للخوف منها، أو إغضابها واستجلاب رضائها، أو الذهاب إلى الجحيم بعد الموت.
अज्ञात पृष्ठ