जीवन का अर्थ: एक बहुत छोटा परिचय
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
في بعض الأحيان ينظر إلى السعادة كحالة ذهنية، ولكن ليس هذا منظور أرسطو لها. فالسعادة هي ما قد نطلق عليه حالة روحانية، والتي لا تنطوي في رأيه على حالة داخلية من الوجود فحسب، ولكنها تنطوي أيضا على ميل للتصرف بأسلوب معين. وكما أشار لودفيج فيتجنشتاين ذات مرة، فإن الصورة المثلى للروح هي الجسد. فإذا أردت أن تراقب «روح» أحدهم، فلتنظر إلى ما يفعل. وبالنسبة لأرسطو، يمكن بلوغ السعادة عن طريق الفضيلة، والفضيلة في المقام الأول ممارسة اجتماعية أكثر منها توجه عقلي. والسعادة جزء من أسلوب عملي للحياة، وليس حالة من الرضا الداخلي الخاص. وبناء على هذه النظرية، يمكنك مراقبة سلوك أحدهم على مدار فترة من الزمن وتصيح قائلا: «إنه سعيد!» كما لا يمكنك أن تفعل مع نموذج أكثر ازدواجية من البشر، ولن يكون لزاما أيضا أن يكون على وجهه ابتسامة عريضة أو يقفز فرحا.
شكل 4-1: تمثال للفيلسوف اليوناني أرسطو. (© Bettmann/Corbis)
في معرض مناقشة جوليان باجيني للسعادة في كتابه «عم يدور الأمر؟» فشل فشلا ذريعا في التعبير عن هذه الفكرة. فمن أجل توضيح أن السعادة ليست جوهر الحياة أو هدفها المطلق، يذهب إلى أنك إذا كنت على وشك الانطلاق في سعيك نحو السعادة ورأيت شخصا يغرق في الرمال المتحركة، فبالطبع سيكون من الأفضل أن تنقذه عن أن تسعى وراء سعادتك.
3
إن اللغة في عبارة «الانطلاق في سعيك نحو السعادة» موحية بالتأكيد؛ فهي تجعل السعادة تبدو كمسعى خاص من ناحية، وتجعلها تبدو كليلة ممتعة تقضيها في الخارج في المدينة من ناحية أخرى. والواقع أنها تجازف بجعل السعادة تبدو أقرب للمتعة، ومن ثم فإن إنقاذ شخص من الرمال المتحركة لا يمكن أن يكون جزءا منها؛ لأنه بالطبع ليس أمرا ممتعا. بل إن باجيني يعترف في موضع آخر في كتابه - مشتركا في ذلك مع معظم الفلاسفة الأخلاقيين - بأن المتعة شعور عابر، بينما السعادة في أفضل صورها عبارة عن حالة مستمرة من الوجود. يمكنك أن تمر بحالة من المتعة الغامرة دون أن يكون لديك أدنى قدر من السعادة؛ ومثلما يبدو أن بإمكانك أن تكون سعيدا لأسباب مشبوهة (مثل ترويع السيدات العجائز)، يمكنك أيضا أن تشتهي متعا مشينة أخلاقيا، مثل الشماتة في ألم عدو.
على ذلك يتجلى لنا أحد الاعتراضات الواضحة على المثال الذي أورده باجيني. ألا يمكن أن يكون إنقاذ شخص من الرمال المتحركة «جزءا» من سعادة الفرد، وليس انصرافا عنها نابعا من الإحساس بالواجب؟ لا يكون ذلك واضحا فقط إذا كان تفكير الشخص في السعادة يسير في سياق المتعة، وليس السعادة بالمفهوم الأرسطي. فالسعادة من منظور أرسطو مرتبطة بممارسة الفضيلة؛ وعلى الرغم من أنه لم يكن لديه شيء محدد يدلي به بشأن إنقاذ الناس من الرمال المتحركة، فإن هذا كان ليعد قطعا دلالة على السعادة في نظر خليفته المسيحي العظيم توما الأكويني. فقد كان بالنسبة لتوما الأكويني مثالا للحب الذي لا يتعارض في منظوره مع السعادة. وهذا لا يعني القول بأن أرسطو يرى السعادة والمتعة متضادين. على العكس، فالأشخاص الفاضلون في رأيه هم الذين يحصدون المتعة من فعل الخير، أما هؤلاء الذين يفعلون الخير دون الاستمتاع به، فهم في نظره ليسوا ذوي فضيلة بحق. ولكن لا شك أن مجرد متعة شخص أحمق أو متعة يحظى بها حاكم مستبد منحل تتناقض مع السعادة.
تتجلى فكرة باجيني عن السعادة - البعيدة نوعا ما عن النموذج الأرسطي - في سيناريو اقتبسه من الفيلسوف روبرت نوزيك. لنفترض أنك قد تم توصيلك بآلة أشبه بالكمبيوتر الخارق في فيلم «المصفوفة»، أتاحت لك تجربة افتراضية من السعادة الكاملة المتواصلة. ألم يكن معظم الناس ليرفضون هذه السعادة المغرية بداعي عدم واقعيتها؟ أولسنا نرغب في أن نعيش حياتنا بشكل حقيقي، دون خداع، واعين بأنفسنا باعتبارنا مؤلفي قصة حياتنا، وبأن كفاحاتنا - وليس آلة مصنعة - هي المسئولة عن إحساسنا بالإنجاز؟ يعتقد باجيني أن معظم الناس سيرفضون آلة السعادة لهذه الأسباب، وهو محق بالتأكيد. ولكن أكرر مرة أخرى أن فكرة السعادة التي يعرضها لنا هنا ليست أرسطية . إنها حالة مزاجية أو حالة من الوعي أكثر منها أسلوب حياة. بل إنها نفس نوعية المفهوم الحديث للسعادة الذي ربما وجده أرسطو غامضا، أو على الأقل غير مستساغ. ففي رأيه أنك لا تستطيع أن تحظى بالسعادة بالجلوس داخل ماكينة طوال حياتك؛ ليس فقط لأن تجربتك سوف تكون مسألة محاكاة أكثر منها مسألة واقع، ولكن لأن السعادة تنطوي على صورة عملية واجتماعية من صور الحياة. إن السعادة من منظور أرسطو ليست نزعة داخلية قد تظهر فيما بعد في أفعال معينة، ولكنها أسلوب تصرف يخلق نزعات وميولا معينة.
يرى أرسطو أن السبب وراء عدم قدرتك على الشعور بسعادة حقيقية بالجلوس داخل ماكينة طوال حياتك يتشابه إلى حد كبير مع السبب وراء عدم قدرتك على الشعور بسعادة كاملة وأنت حبيس كرسي متحرك أو رئة فولاذية. بالطبع لا يعني ذلك أن المعاقين لا يستطيعون إدراك إحساس غال بالرضا الذاتي كأي شخص آخر؛ بل يعني ببساطة أن الإعاقة هي أن تكون قدرة الشخص على إدراك قوى وقدرات معينة مقيدة. ومثل هذا الإدراك في تعريف أرسطو المتخصص، هو جزء من سعادة الفرد. ثمة معان أخرى «للسعادة» يمكن فيها للأشخاص المعاقين أن يكونوا سعداء تماما. غير أن أسلوب العزوف عن إفشاء الحقائق السائد حاليا وإنكار أن المعاقين هم معاقون حقا - وهو نوع من خداع الذات يبرز بشكل خاص في الولايات المتحدة التي تعتبر العجز مصدر حرج وأن لا شيء يكفي سوى النجاح - يعد شكلا من النفاق الأخلاقي شأنه شأن العادة الفيكتورية في إنكار أن الفقراء أقرب لأن يكونوا تعساء، وترجع جذوره إلى ميل غربي عام لإنكار الحقائق المزعجة، أو رغبة ملحة لإزاحة المعاناة أسفل السجادة.
ربما تكون تضحية الفرد بسعادته من أجل سعادة شخص آخر هي أروع تصرف أخلاقي يمكن للمرء أن يتخيله. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه الصورة النموذجية للحب أو أكثر أنواع الحب قبولا. إنه ليس أكثر أنواع الحب قبولا؛ لأنه للأسف شيئا ضروريا وأساسيا في المقام الأول، وليس الصورة النموذجية لأن الحب في أقصى صورة نموذجية له ينطوي على أقصى قدر ممكن من التبادلية، كما سأوضح بعد قليل. فقد يحب شخص أطفاله الصغار إلى حد الاستعداد للموت في سبيلهم عن طيب خاطر؛ ولكن لما كان الحب في أشمل معانيه هو شيء سوف يتعين على الأطفال أنفسهم تعلمه، فإن الحب بينك وبينهم لا يمكن أن يكون النموذج الأساسي للحب الإنساني، شأنها في ذلك شأن علاقة أقل قيمة، مثل عاطفة شخص تجاه خادم عجوز مخلص. فالعلاقة في كلتا الحالتين ليست متكافئة بالقدر الكافي.
إذن فالسعادة في رأي أرسطو تنطوي على إدراك إبداعي للملكات الإنسانية النمطية للفرد. إنها شيء تمارسه قدر ما هي شيء تكونه. ولا يمكن ممارسته بمعزل عن الآخرين، وهو ما يعد من ضمن الاختلافات بينها وبين السعي وراء المتعة. فالفضائل الأرسطية هي في أغلب الأحيان فضائل اجتماعية. إن فكرة تحقيق الذات يمكن أن يقترن بها إحساس بالقوة والحيوية والتوهج، وكأننا نتحدث عن تمارين رياضية للروح. والواقع أن نموذج أرسطو الأخلاقي للشخص «رائع الروح» أشبه كثيرا بالوصف التالي: سيد أثيني ثري لا يعرف الفشل والخسارة والمأساة؛ وهو أمر مثير بالنسبة لمؤلف واحدة من أعظم الأطروحات العالمية عن الموضوع الأخير. إن الرجل الصالح بالنسبة لأرسطو غالبا ما يبدو أشبه ببيل جيتس، أكثر من القديس فرانسيس الأسيزي. صحيح أنه ليس مهتما بأن يكون ناجحا مثل هذه النوعية من الأشخاص أو تلك - كرجال الأعمال مثلا أو الساسة - ولكنه مهتم بأن ينجح كإنسان. فكونك إنسانا - من وجهة نظر أرسطو - هو شيء يجب أن تجيده، والأشخاص ذوو الفضيلة إنما هم مبدعون في فن الحياة. ومع ذلك، هناك شيء خاطئ في نظرية عن السعادة قد تعتبر أن فكرة المرأة السعيدة تحمل تناقضا وزيفا منطقيا. وكذلك الحال بالنسبة لفكرة الفاشل السعيد.
अज्ञात पृष्ठ