अरबों की अंडालुस में लड़ाईयाँ
معارك العرب في الأندلس
शैलियों
وكان المتوكل بن هود يزحف يومئذ إلى غرناطة ليحارب منافسه ابن الأحمر، فلم يفت الإسبانيين الذين كانوا في أبدة أن ينتهزوا الفرصة، وقد علموا من الأسرى المسلمين أن قرطبة قليلة أسباب الدفاع، وأن افتتاحها أمر ميسور، فأدلجت منهم كوكبة صغيرة، يسترها ظلام الليل، ويخفي حركاتها انهمار المطر، حتى بلغوا الضاحية الشرقية من عاصمة المروانيين.
وأرشدهم الأسرى الخائنون إلى المواقع التي يصلح منها الصعود إلى السور، فنصبت السلالم، وتسلق الجدران جماعة من الفرسان الأباسل، وكانوا قد استمالوا بعض حراس الأبراج بالمال، فكتموا أمرهم عن الآخرين، وأوهموهم - عندما سمعوا خفق أقدامهم - أنهم سرية آتية للتفتيش، فخدعوهم بذلك، ومكنوا أعداءهم من دخول أحد الأبراج، فامتلكوه وقتلوا حراسه.
ثم انحدروا إلى باب قريب ففتحوه لرفاقهم؛ فتسللوا منه إلى أحياء الضاحية يفتكون بالسكان الآمنين فتكا ذريعا، حتى تنفس الصبح وانتشر الخبر، فثارت الحامية في وجه المغامرين فقاتلتهم حانقة، فطردتهم من الشوارع، وألجأتهم إلى التحصن بالبرج الذي سقط في أيديهم.
فعلموا أن محاولة افتتاح مدينة عظيمة كقرطبة، بعدد قليل من الرجال، ضرب من الجنون؛ فهي من نفسها وحدها في جحفل لجب - على حد تعبير أبي تمام - فأرسلوا يستنجدون قائد منطقة قرطبة الفابيريز ذا كاسترو، وبعثوا رسولا إلى الملك فردينان في لاون يسألونه الإسراع بالمجيء.
وما كاد يصل الرسول إلى القائد الإسباني، حتى خف إليهم بما استطاع جمعه من حاميات الحصون والقلاع، فأدركهم على عجل، وثبت مقامهم في البرج يردون عنه المهاجمين، ويشرفون على قسم من الضاحية، إلى أن تأتيهم نجدة الملك وجيشه ...
ولم يكن فردينان يتوقع هذا التوفيق العجيب في قرطبة بكوكبة من الفرسان؛ فبادر إليها بثلاثين فارسا، بعدما أصدر أوامر بحشد العساكر من المدن والقرى، واستدعاء جماعات الفرسان المنظمة، وأن يتبعه الحشد دون إبطاء.
ثم سارع بفرسانه الثلاثين إلى قرطبة، فابتهج الجند لرؤيته، واشتدت ظهورهم في مقاومة المسلمين، فأحس هؤلاء الخطر المهدد، وتيقنوا أنه إذا لم يتداركهم ابن هود بقواته، دارت عليهم الليالي، وآضت قاعدة الملوك في حوزة الأعداء، فطيروا الرسل إلى المتوكل يستحثونه لإنقاذهم قبل فوات الأوان.
ولولا خور العزيمة، وعقم في الرأي لكان بوسعه أن يتدارك العاصمة، ويمنع استخذاءها، فالظاهر أن الانكسارات التي مني بها في محاربة المسيحيين، وما ناله - خصوصا من فردينان الثالث - أضعف همته، وأوقع هيبة الإسبانيين في نفسه، فلم يجرؤ على تلبية صوت قرطبة، قبل أن يتبين قوة أعدائه، ومبلغ ما جردوا لها من العساكر، مع أن الموقف حرج، فلا يحسن بأميرها أن يتركها تلاقي وبالها، وهو قريب منها، ولديه جيش كبير يستطيع الدفاع عنها.
ولم يقتصر على تلكؤه الذميم، بل قاده قصر الحيلة، وسوء طالع الأندلس، إلى أن يعهد في استطلاع أحوال العدو إلى فارس جليقي اسمه سوارز، كان الملك فردينان قد نفاه عن قشتالة، فجاء برجاله إلى المتوكل، وجعل سيفه في خدمته، شأنه شأن كثير من الفرسان المسيحيين والمسلمين، إذا خرجوا من بلادهم ناقمين على أمرائهم.
على أن هذا الفارس الجليقي لم يكن لينسى أن المهمة التي ندبه إليها ابن هود بكل سذاجة، يتوقف عليها خذلان ملته، وأبناء قومه، فغلت في صدره عصبية الدين والوطن، ورأى الحال مؤاتية لاسترضاء مليكه والرجوع إلى أرضه؛ فوعد المتوكل بالخبر اليقين، وسار إلى فردينان، فأطلعه على واقع الأمر، وطلب إليه أن يضاعف نيران الأحراس ليلا؛ ليوهم المسلمين بكثرة جيشه، واتساع المساحه التي يشغلها في نزوله.
अज्ञात पृष्ठ