मआरिज अमल
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
शैलियों
فالحسن والقبح بالمعنيين الأولين يثبتان بالعقل اتفاقا، وأما الحسن والقبح بالمعنى الثالث فهو محل النزاع بيننا وبين المعتزلة.
فمذهبنا ومذهب الأشعرية: أن الحسن والقبح بالمعنى الثالث لا يكونان إلا شرعيين، فلا حسن إلا ما قال لنا الشرع (افعلوه)، ولا قبيح إلا ما قال لنا الشرع (اتركوه).
وقالت المعتزلة: إن الأفعال الاختيارية حسنة وقبيحة من جهة العقل، وأن منها ما يدركه العقل بالضرورة كحسن الصدق النافع والإيمان، وقبح الكذب الضار والكفران، ومنها ما يدركه العقل بالنظر كحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع، ومنها ما لا يهجم على إدراكه إلا بإخبار من الشرع كحسن صوم آخر يوم من رمضان، وقبح صوم أول يوم من شوال، وحكموا أن الشرع في هذا النوع مخبر عن حال المحل لا أنه منشئ فيه حكما.
ثم اختلفوا: فذهب القدماء منهم إلى أن الأفعال حسنة وقبيحة لذاتها.
وقال قوم منهم: هي كذلك لصفة لازمة كالصوم المشتمل على كسر الشهوة المفضي إلى عدم المفسدة، وكالزنا المشتمل على اختلاط الأنساب المفضي إلى ترك تعاهد الأولاد.
وفرق قوم بين القبيح والحسن فقالوا: القبيح قبيح لصفته، والحسن حسن لذاته.
وحجتهم: أن الذوات كلها مستوية، والتمييز إنما هو بالصفات، فلو قبح الفعل لذاته لزم قبح فعله تعالى.
وقال الجبائي: واتباعه العقل يحسن ويقبح لوجه واعتبار، كضرب اليتيم يحسن إن كان للتأديب ويقبح إن كان لغيره.
पृष्ठ 164