مجموعة مؤلفات الإمام يوسف بن عبد الهادي الحنبلي ﵀[١]
«معارف الإنعام وفضل الشهور والأيام»
تأليف
الإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الدمشقي الحنبلي
المولود سنة ٨٤١ هـ - والمتوفى سنة ٩٠٩ هـ
رحمه الله تعالى
بعناية
لجنة مختصة من المحققين
بإشراف
نور الدين طالب
دار النوادر
अज्ञात पृष्ठ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
«مَعَارِفُ الإنْعَامِ وفَضلُ الشُّهُورِ وَالأَيَّام»
1 / 3
جَمِيعُ الحُقُوقِ مَحْفُوظَة
الطَّبْعَةُ الأُولَى
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
ردمك: ٨ - ١٧ - ٤١٨ - ٩٩٣٣ - ٩٧٨ lSBN
دَار النَّوَادِر
سورية - لبنان - الكويت
مُؤسَّسَة دَار النَّوَادِر م. ف - سُورية * شَرِكَة دَار النَّوَادِر الُّلبْنَانِيَّة ش. م. م - لُبْنَان * شَرِكَة دَار النَّوادِرِ الكُوَيْتِيَةٍ ذ. م. م - الكُوَيْت
سورية - دمشق - ص. ب: ٣٤٣٠٦ - هاتف: ٢٢٢٧٠٠١ - فاكس: ٢٢٢٧٠١١ (٠٠٩٦٣١١)
لبنان - بيروت - ص. ب: ١٤/ ٥١٨٠ - هاتف: ٦٥٢٥٢٨ - فاكس: ٦٥٢٥٢٩ (٠٠٩٦١١)
الكويت - الصالحية - برج السحاب - ص. ب: ٤٣١٦ حولي - الرمز البريدي: ٣٢٠٤٦
هاتف: ٢٢٢٧٣٧٢٥ - فاكس: ٢٢٢٧٣٧٢٦ (٠٠٩٦٥)
www.daralnawader.com - [email protected]
أسَّسَهَا سَنَة: ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٦ م نُورُ الدِّيْن طَالِب المُدِير العَام وَالرَّئيس التَّنفيذي
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا، وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أمّا بعد:
فقد روى ابنُ أبي الدُّنيا عن بكر بن عبد الله المُزني ﵀: أنه قال: ما مِنْ يومٍ أخرجه اللهُ إلى أهل الدُّنيا إلا يُنادي: ابنَ آدمَ! اغتنمني، لعلَّه لا يومَ لك بعدي، ولا ليلةٍ إلا تُنادي: ابنَ آدم! اغتنمني، لعلَّه لا ليلةَ لك بعدي.
وروى عن الحسن: أنه كان يقول: يا بنَ آدمَ! اليومُ ضيفُك، والضيفُ مُرْتَحِلٌ، يَحْمَدُك أو يَذُمُّك، وكذلك الليل.
ومن هنا حَرَصَ السَّلَفُ الصالح أشدَّ الحرصِ على الأوقات خصوصًا فيها الأعمال التي حَبَاها اللهُ تعالى بمزيد فضلٍ ونَوَالٍ على غيرها من القُربات؛ مِنْ صلاةٍ وصيام وذكرٍ وقيامٍ ونحوِها مِنَ المَبرَّات، وقد خصَّ اللهُ ﷾ كلَّ وقت منها بوظيفة من الوظائف التي تُؤدَّى
1 / 5
في الشهور والأيام والسَّاعات، فالسعيدُ مَنِ اغتنمها، والشَّقيُّ مَنْ فَرَّط بها وحُرِمَها.
وقد صنَّفَ الحافظُ الإمامُ ابنُ رجبٍ الحنبليُّ كتابًا بديعًا لا مثيلَ له في المحافظة على تلك الأوقات، واغتنام فعلِ الوظائف الموظَّفة لكلِّ واحدة منها، سماه: "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف"، انتهج فيه نَهْجَ ابنِ القيم ﵀ في كثيرٍ من كلامه وجمله، وتأثَّر بوعظ الإمام ابن الجوزي ﵀.
ثم جاء الإمامُ يُوسفُ بنُ عبد الهادي فَنَهلَ من مَعينِ هذه المدرسة العظيمة، واقتبس من جواهر كلامهم عُيونًا من الحِكَم والَآداب والمواعظ، وأودعه كتابَه الذي سمَّاه: "معارفَ الإنعامِ وفضل الشُّهور والأيام"؛ فجاءت جملُ كتابهِ رقيقةً عَذْبة، سَهْلة واضحة، مُوقِظة للمقصَّرين والغافلين، مَشْحَذَة للعابدين والصالحين، داعيةً إلى السِّباق واللَّحاق بِرَكْبِ الأنبياء والصِّدِّيقين، ولسانُ حالِ تلك العبارات قائل:
مضى أمسُكَ الماضي شهيدًا معدلًا ... وأعقبه يومٌ عليكَ جديدُ
فيومُكَ إِنْ أغنيتَهُ عادَ نفعُهُ ... عليكَ وماضي الأمسِ ليسَ يعودُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إساءةً ... فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حَميدُ
1 / 6
فلا تُرْجِ فِعْلَ الخير يومًا إلى غَدٍ ... لعلَّ غدًا يأتي وأنتَ فَقيدُ
وللهِ درُّ القائلِ:
قطعتَ شهورَ العامِ لَهْوًا وغَفْلَةً ... ولم تحترِمْ فيما أتيتَ المُحرَّما
فلا رَجَبًا وافيتَ فيه بحقِّهِ ... ولا صُمْتَ شهرَ الصَّومٍ صَومًا متمَّما
ولا في ليالي عشرِ ذي الحِجَّةِ الذي ... مَضَى كنتَ قوَّامًا ولا كنتَ مُحْرِمَا
فهلْ لكَ أنْ تمحو الذنوبَ بعَبْرةٍ ... وتبكي عليها حَسْرَةً وتندُّما
وتستقبلَ العامَ الجديدَ بتوبةٍ ... لعلَّكَ أنْ تمحوْ بها ما تَقَدَّما
* * *
هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوفُ على النسخة الخطيَّة الفريدة لهذا الكتاب، وهي النسخةُ المحفوظة بدار الكتب الظاهرية بدمشق، تحت رقم (١٤٦٣)، وتقع في (٧٥) لوحة.
وهي بخطِّ المؤلف المعروف بغرابة الشَّكْل، وصعوبةِ القراءة،
1 / 7
وتُعَدُّ هذه النسخة مِنْ أصعبِ كتب الإمام ابن عبد الهادي التي كتبها بخطِّه؛ ذلك أنَّه ألَّفَ كتابَه هذا في مُقْتَبل عُمره -ولعلَّه من أوائل ما صنَّف-؛ إذ كان عُمره تسعةَ عشر عامًا تقريبًا، إلى جانب رَداءة النسخة الخطيَّة وتعرُّضِها للرُّطوبة، وكثرة التصحيفات والتحريفات فيها.
وقد حصل فيها خَرْمٌ قليل في أولها تضمَّن الكلامَ عن صدر الفصل الأول من الكتاب وهو شهر رمضان المبارك.
وقد أُثبت في آخرها سماعاتُ الكتاب لعددٍ من أولاد المؤلف وتلامذته بخط يده.
* * *
* هذا وقد تمَّ تحقيقُ هذا الكتاب وفق الخطة الآتية:
١ - نسخُ الأصل المخطوط اعتمادًا على النسخة الخطيَّة المُشَار إليها آنفًا، وذلك بحسب رسم وقواعد الإملاء الحديثة.
٢ - معارضةُ المنسوخِ بالمخطوط؛ للتأكُّد من صحة النصِّ وسلامته.
٣ - مقابلة المنسوخ بالمصادر المطبوعة التي نَقَل عنها المؤلف؛ وأكثرها من كتابي ابنِ الجوزي المسمَّى بـ: "التَّبصرة"، وابنِ رجب الحنبلي المسمَّى بـ: "لطائف المعارف"، وذلك للتأكد من سلامة النص ومعناه.
1 / 8
٤ - عزوُ الآيات القرآنية الكريمة في صُلْب النص، وإدراجها برسم المصحف الشريف.
٥ - تخريجُ الأحاديث النبوية الشريفة تخريجًا لائقًا بالنصِّ المحقق.
٦ - ضبطُ الأحاديثِ والأشعارِ والأقوال بالشكلِ المناسب.
٧ - كتابة مقدمةٍ للكتاب مشتملةٍ على ترجمة مختصرة للمؤلف، وتَقْدِمة موجزة للكتاب.
هذا وصلى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم.
حَرَّرَهُ
نُورُ الدِّيْن طَالِبْ
١٧ / صفر/ ١٤٣٢ هـ
٢٢/ ١ / ٢٠١١ مـ
1 / 9
ترجمة المؤلف (١)
* هو الإمام يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي المقدشي الأصل، الدمشقي المولد، الحنبلي المذهب، المعروف بـ: "ابن عبد الهادي"، والملقب بـ: "ابن المِبْرَد".
*ولد سنة (٨٤١ هـ) في أول يوم منها، وقد نشأ في بيئة علمية معروفة، فتفقه على أبيه وجده، وسمع عليهما الحديث.
وكان ملازمًا للعلماء والصالحين؛ فحفظ "المقنع" لابن قدامة
_________
(١) انظر ترجمته في:
* "السحب الوابلة" لابن حميد (٣/ ١١٦٦).
* "النعت الأكمل" للغزي (ص: ٦٨).
* "شذرات الذهب" لابن العماد (٨/ ٤٣).
* "مختصر طبقات الحنابلة" للشطي (ص: ٧٤).
* "فهرس الفهارس" للكتاني (٢/ ١١٤١).
* "مقدمة ثمار المقاصد" للدكتور أسعد طلس.
* "الإمام يوسف بن عبد الهادي الحنبلي وأثره في الفقه الإسلامي" للدكتور محمد عثمان شبير.
* "الإمام يوسف بن عبد الهادي وآثاره الفقهية" للدكتور صفوت عبد الهادي.
1 / 11
على عدد من العلماء، وقرأ على مشايخ كثر "صحيح البخاري"، و"مسند الحميدي"، و"الدارمي"، وغيرها.
* فمن مشايخه الذين قرأ وحفظ عليهم: الشيخ علاء الدين المرداوي صاحب "الإنصاف"، وتقي الدين ابن قندس صاحب الحاشية المشهورة على "الفروع"، وزين الدين أبو الفرج ابن الحبال، وغيرهم.
* وقد تخرج على يديه جماعات من التلامذة؛ الذي صاروا فيما بعد أعلامًا كبارًا؛ كـ: ابن طولون، وعبد القادر النعيمي، وغيرهما.
* أثنى عليه جماعة من أهل العلم، ووصفوه بالإمامة والحفظ والإتقان:
قال فيه تلميذه ابن طولون: "هو الشيخ الإمام، علم الأعلام، المحدث الرحالة، العلامة الفهامة، العالم العامل، المتقن الفاضل".
وقال فيه ابن العماد: "كان إمامًا علامة، يغلب عليه علم الحديث والفقه، ويشارك في النحو والتصريف والتفسير، وله مؤلفات كثيرة".
وقال الشطي: "أجمعت الأمة على تقدمه وإمامته، وأطبقت الأئمة على فضله وجلالته".
* ترك الإمام ابن عبد الهادي كتبًا كثيرة بلغت أسماؤها مجلدًا، كما قال ابن طولون، ومن أهم تلك الكتب:
١ - "جمع الجوامع في الفقه على مذهب الإمام أحمد" في ثلاثة وسبعين مجلدًا، غالبه مفقود.
1 / 12
٢ - "الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي".
٣ - "مغني ذوي الأفهام" في الفقه.
٤ - "هداية الإنسان إلى الإستغناء بالقرآن".
٥ - "إرشاد السالك إلى مناقب مالك".
٦ - "الدر النفيس في أصحاب محمد بن إدريس".
٧ - "محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب".
٨ - "زبد العلوم وصاحب المنطوق والمفهوم".
٩ - "زينة العرائس من الطرف والنفائس".
* توفي ﵀ بصالحية دمشق، سادس عشر المحرم، من سنة تسع وتسع مئة، وصلي عليه بجامع الحنابلة، ودفن بسفح جبل قاسيون ﵀، ورضي عنه.
1 / 13
صُوَر المَخْطُوْطَاتْ
1 / 15
صورة غلاف النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 17
صورة اللوحة الأولى من النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 18
صورة اللوحة قبل الأخيرة من النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 19
صورة اللوحة الأخيرة من النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية ويظهر فيها سماعات الكتاب على المؤلف بخطه
1 / 20
«معارف الإنعام وفضل الشهور والأيام»
تأليف
الإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الدمشقي الحنبلي
المولود سنة ٨٤١ هـ - والمتوفى سنة ٩٠٩ هـ
رحمه الله تعالى
بعناية
لجنة مختصة من المحققين
بإشراف
نور الدين طالب
1 / 21
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ يَسِّر يَا كَرِيم
الحمدُ لله العليِّ الكريم، العفوِّ الرحيم، القديرِ العليم، ذي الفضلِ العميم، والجودِ القديم، والخيرِ الجسيم، الأولِ والآخرِ، والظاهرِ والعليمِ، والرؤوفِ الرحيمِ، والقاهرِ والحليمِ، الذي خلق الإنسانَ في أحسنِ تقويم.
وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، إلهًا واحدًا قديمًا، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ بالإرشادِ والتعليم، صلَّى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
أمّا بعد:
فهذه نبذة يسيرةٌ، ومنافعُها كثيرة، والله الموفق، ولنا ولجميع المسلمين من النار يُعتق، ورضيَ الله عن أبي بكرٍ صاحبِ الغار، وعمرَ صاحبِ الأنوار، وعلى عليٍّ الذي كان على الكفارِ كالنار، وعلى جميع
1 / 23
الصحابة الأطهار، وعلى جمع المهاجرين والأنصار، برحمتك يا كريم يا جبار، وارضَ عن الإمام أحمدَ وأصحابه، والشافعيِّ وأحبابه، وأبي حنيفة، ومالك، ونيابه، وحسبُنا الله ونِعْمَ الوكيل.
وجعلتُ فيه أصلًا ثمانيةَ عشرَ فصلًا، وسميته:
مَعَارِفُ الإنْعَامِ
وفَضلُ الشُّهُورِ وَالأَيَّام
الفصل الأول: فيما روي في رمضان، والجودِ فيه، وقراءة القرآن، وليلة القدر.
الفصل الثاني: في شهر شوّال.
الفصل الثالث: في ذكر الحجِّ وفضله.
الفصل الرابع: في ذكر شهر ذي القعدة.
الفصل الخامس: في ذكر ذي الحجة، وعشره المبارك.
الفصل السادس: في ذكر عاشوراء وفضله.
الفصل السابع: في قدوم الحاج.
الفصل الثامن: في ذكر شهر صفر.
الفصل التاسع: في ذكر شهر ربيع الأول.
الفصل العاشر: في ذكر وفاة النبيِّ ﷺ (١).
_________
(١) حصل هنا خرم في الأصل الخطي المصور لدينا، وهو مشتمل على تتمة ذكر الفصول التي بدأ بها المؤلف، وعلى صدر الفصل الأول من الكلام عن شهر رمضان والجود فيه، وقراءة القرآن، وليلة القدر، وقد أُثبتت تتمة الفصول بين معكوفتين اعتمادًا =
1 / 24