============================================================
بسم الله الرحمن الرحيم تقديم اهتم العرب منذ جاهليتهم الأولى بالشعر وفنونه وضروبه، واعتنوا بأساليبه وطرقه اعتناءا لم تدانيهم فيه أمة من الأمم، وبلغوا من الإبداع والإغراب في المذاهب الشعرية غاية لاتدرك وشأوا لا ينال، وقد ساعدهم في ذلك سعة لغتهم وغناها، مما ذلل لهم كل أبي، وأدنى كل قصي وكان من الطبيعي أن نجد في هذا البحر الخضم من القصائد ما يعمى معناه ويستعصي فهمه على الأفهام، لنخوه أحيانا منحى الأحاجي والألغان على ما فيه من رشاقة التأليف ورقة المعاني الغامضة، مما دعا طائفة من جهابذة العلم المتاخرين إلى التصدي لازاحة القناع عن هذه المعاني الغامضة والتخيلات المبتكرة، فدونوا كتبا أفردوها لشرح ما استغلق معناه، واستبهم مقصده، من هؤلاء: الأصمعي، وتعلب، والأخفش الأوسط، وأبو العميثل، وابن عبدوس، وابن درستويه، والأشنانداني . ولكن مرور الزمن لم يبق لنا شيئا من هذه الآثار النفيسة سوى أسمائها وعناوينها في المعاجم والتواريخ، حتى لم يتسن لأحد من أبناء هذا الجيل أن يقف على شيء منها إلا النزر اليسير، ومنها كتابنا هذا *معاني الشعر" لأبي عثمان سعيد بن هارون الأشنانداني. وقد ظفرنا بنسخة منه مطبوعة سنة 1922م، وبسبب ندرة أعداد هذا المطبوع في الأسواق، ارتأينا في "دار الكتب العلمية" أن نعيد نشره، مع ضبطه وتشكيل ألفاظه (خاصة في الاستشهادات الشعرية) بالإضافة إلى تزويده بفهارس مفصلة تكون عونا للقارىء وللباحث عند رجوعه إليه.
ونرجو أن يكون عملنا هذادافعا لإحياء نوع من أنواع الأدب العربي، لما
पृष्ठ 3