150

मकानी अल-अहबार

مcاني الأخبار

अन्वेषक

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

प्रकाशक

دار الكتب العلمية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

प्रकाशक स्थान

بيروت / لبنان

أَنْشَدَ بَعْضُ الْكِبَارِ: [البحر الكامل] يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ مَنْ يَحُسُّ بِهَا ... فَمَنْ هُوَ النَّارُ كَيْفَ يَحْتَرِقُ فَكَانَ عُمَرُ ﵁ بِصِفَةِ مَنْ يَخَافُهُ الْمَخْلُوقَاتُ لِغَلَبَةِ خَوْفِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بِصِفَةِ مَنْ أَمِنَتْهُ الْمَخَاوِفُ غَيْبَةً عَنْهَا بِشُهُودِ مَوْلَاهُ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ آدَمَ ﵇ وَحَوَّاءَ ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: ٢٠] الْآَيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠]، فَقَدْ نَالَ الشَّيْطَانُ مِنْ آدَمَ بِوَسْوَسَتِهِ لَهُ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قِيلَ: إِنَّ آدَمَ ﵇ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى وَسْوَسَةِ إِبْلِيسَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ بِوَسْوَسَتِهِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَكَلَ مِنْهَا؛ لَأَنَّهُ نُهِيَ عَنْ عَيْنِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ لَا عَنْ جِنْسِهَا، فَأَكَلَ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْعَيْنِ، فَأَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ، وَأُخْرِجَ إِلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ خَلِيفَةً لَهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، وَلَكِنْ لَمَّا وَافَقَ أَكْلُهُ تَزْيِينَ إِبْلِيسَ لَهُ، وَوَسْوَسَتَهُ إِيَّاهُ نُسِبَ إِخْرَاجُهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ [البقرة: ٣٦] وَلَمْ يَقْصِدْ إِبْلِيسُ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ إِسْقَاطَهُ مِنْ رُتْبَتِهِ، وَإِبْعَادَهُ كَمَا بَعُدَ هُوَ، فَلَمْ يَبْلُغْ مَقْصَدَهُ، وَلَا أَدْرَكَ مُرَادَهُ، بَلِ ازْدَادَ سُخْنَةَ عَيْنٍ، وَغَيْظَ نَفْسٍ، وَخَيْبَةَ ظَنٍّ، قَالَ اللَّهُ ﴿اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢٢] فَصَارَ آدَمُ ﵇ خَلِيفَةً لِلَّهِ فِي أَرْضِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ جَارًا لَهُ فِي دَارِهِ، فَكَمْ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْجَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1 / 217