وَيَشْتَرِيَ بِهَا الْخُبْزَ نَسِيئَةً، أَوْ نَقْدًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَا مُعَامَلَةُ الْعَصَّارُ إذَا سَلَّمَ إلَيْهِ السِّمْسِمَ، أَوْ الزَّيْتُونَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ الْأَدْهَانَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَا اللَّبَّانِ يُعْطَى اللَّبَنَ لِيُؤْخَذَ مِنْهُ الْجُبْنُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ، وَسَائِرُ أَجْزَاءِ اللَّبَنِ فَهُوَ حَرَامٌ.
وَلَا يُبَاعُ الطَّعَامُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ إلَّا نَقْدًا، أَوْ بِجِنْسِهِ إلَّا نَقْدًا مُتَمَاثِلًا، أَوْ مُتَفَاضِلًا فَلَا يُبَاعُ بِالْحِنْطَةِ دَقِيقٌ، وَلَا خُبْزٌ، وَلَا سَوِيقٌ، وَلَا بِالْعِنَبِ دِبْسٌ، وَخَلٌّ، وَعَصِيرٌ، وَلَا بِاللَّبَنِ سَمْنٌ، وَزُبْدٌ، وَمَخِيضٌ، وَجُبْنٌ، وَالْمُمَاثَلَةُ لَا تُفِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ فِي حَالِ كَمَالِ الِادِّخَارِ فَلَا يُبَاعُ الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ، وَالْعِنَبُ بِالْعِنَبِ مُمَاثِلًا، وَمُتَفَاضِلًا، فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُقْنِعَةٌ فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعِ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُشْعِرُ التَّاجِرَ بِمُثَارَاتِ الْفَسَادِ حَتَّى يَسْتَفْتِيَ فِيهَا إذَا تَشَكَّكَ، وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ هَذَا لَمْ يَفْتَطِنْ لِمَوَاضِعِ السُّؤَالِ، وَاقْتَحَمَ الرِّبَا، وَالْحَرَامَ، وَهُوَ لَا يَدْرِي.
[فَصَلِّ تَرْوِيج الصَّيَارِف الدَّرَاهِم الْمُزَيَّفَة عَلَى النَّاس]
(فَصْلٌ): تَرْوِيجُ الصَّيَارِفِ الدَّرَاهِمَ الْمُزَيَّفَةَ عَلَى النَّاسِ ظُلْمٌ يَسْتَضِرُّ بِهِ الْمُعَامِلُونَ إذَا لَمْ يَعْرِفُوا نَقْدَ الْبَلَدِ فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِقَصِّهَا، وَتَغْيِيرِهَا عَنْ هَيْئَتِهَا، وَأَنْ لَا يَغُشُّوا النَّاسَ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّعَامُلُ بِهَا.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى التَّاجِرِ تَعَلُّمِ النَّقْدِ لَا لِيَسْتَقْصِيَ لِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ لِئَلَّا يُسَلِّمَ إلَى مُسْلِمٍ زَائِفًا، وَهُوَ لَا يَدْرِي فَيَكُونُ آثِمًا بِتَقْصِيرِهِ فِي تَعَلُّمِ ذَلِكَ الْعِلْمِ فَكُلُّ عِلْمٍ عُمِلَ بِهِ يَتِمُّ نُصْحُ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَتَعَلَّمُونَ عَلَامَاتِ النَّقْدِ نَظَرًا لِدِينِهِمْ لَا لِدُنْيَاهُمْ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ
1 / 70