قَالَ أَصْحَابُنَا: الْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يُرَ بَعْضُهُ، وَلَا كُلُّهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرَجَ عَلَى اسْتِقْصَاءِ الْأَوْصَافِ لِلْمَبِيعِ فَإِنْ أُدْخِلَ الْأُنْمُوذَجُ قَالَ الْقَفَّالُ: الْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَهُوَ كَالصُّبْرَةِ يُرَى ظَاهِرُهَا دُونَ بَاطِنِهَا.
وَخَالَفَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: إنَّهُ غَائِبٌ، وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا بَيْعُ الثَّوْبِ فِي الْمَنْسَجِ اعْتِمَادًا عَلَى الرُّقُومِ، وَلَا بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا، وَيَجُوزُ بَيْعُ الشَّعِيرِ فِي سُنْبُلِهِ، وَكَذَا بَيْعُ الْأُرْزِ فِي قِشْرِهِ الَّذِي يُدَّخَرُ فِيهِ، وَكَذَا بَيْعُ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ فِي الْقِشْرَةِ السُّفْلَى، وَلَا يَجُوزُ فِي الْقِشْرَيْنِ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَاقِلَاءِ الرَّطْبِ فِي قِشْرِيّه لِلْحَاجَةِ، وَيُتَسَامَحُ بِبَيْعِ الْفُقَّاعِ لِجَرَيَانِ عَادَةِ الْأَوَّلِينَ بِهِ، وَلَكِنْ نَجْعَلُهُ إبَاحَةً بِعِوَضٍ فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَتِرًا خِلْقَةً، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُتَسَامَحَ بِهِ إذْ فِي إخْرَاجِهِ إفْسَادٌ كَالرُّمَّانِ، وَمَا يَسْتَتِرُ خِلْقَةً.
السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْبُوضًا إنْ كَانَ قَدْ اسْتَفَادَ مِلْكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ، وَهَذَا شَرْطٌ خَاصٌّ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْعَقَارُ، وَالْمَنْقُولُ فَكُلَّمَا اشْتَرَاهُ، وَبَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ، وَقَبْضُ الْمَنْقُولَ بِالنَّقْلِ، وَقَبْضُ الْعَقَارَ بِالتَّخْلِيَةِ، وَقَبْضُ مَا ابْتَاعَهُ بِشَرْطِ الْكَيْلِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يَكْتَالَهُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: لَفْظُ الْعَقْدِ، وَلَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ إيجَابٍ، وَقَبُولٍ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك، وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت، وَلِهَذَا شُرِحَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ
1 / 59