مِمَّا يَجْرِي فِي الْأَسْوَاقِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ شَرْعًا، وَحِسًّا فَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ حِسًّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْآبِقِ، وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ، وَالْجَنِينِ فِي الْبَطْنِ، وَعَسْبِ الْفَحْلِ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِالْمَبِيعِ، وَغَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَرْعًا كَالْمَرْهُونِ، وَالْمَوْقُوفِ، وَالْمُسْتَوْلَدَة فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا أَيْضًا، وَكَذَا بَيْعُ أُمٍّ دُونَ الْوَلَدِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا، وَكَذَا بَيْعُ الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ حَرَامٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ دُونَ الْبُلُوغِ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا» .
وَرُوِيَ «أَنَّ عَلِيًّا ﵁ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ، وَوَلَدِهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، وَرَدَّ الْبَيْعَ»، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا، وَكَذَا الْجِدَّاتُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَفِي سِنِّ التَّمْيِيزِ خِلَافٌ، أَوْ سَبْعُ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِي سِنِينَ، وَيُفَرَّقُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَمُدُّ التَّحْرِيمَ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْأَسْنَانِ.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومَ الْعَيْنِ، وَالْقَدْرِ، وَالْوَصْفِ فَأَمَّا الْعِلْمُ بِالْعَيْنِ فَبِأَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ.
فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك شَاةً مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ أَيَّ شَاةٍ أَرَدْت، أَوْ ثَوْبًا مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْك، أَوْ ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الْكِرْبَاسِ، وَخُذْهُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شِئْت، أَوْ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَخُذْ مِنْ أَيِّ طَرَفٍ شِئْت فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَعْتَادُهُ
1 / 57