[فَصَلِّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ فِي حُقُوق الْآدَمِيِّينَ]
(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَضَرْبَانِ: عَامٌّ، وَخَاصٌّ فَأَمَّا الْعَامُّ فَكَالْبَلَدِ إذَا تَعَطَّلَ سِرْبُهُ، وَاسْتَهْدَمَ سُورُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْدَمَ مَسَاجِدُهُمْ، وَجَوَامِعُهُمْ فَأَمَّا إذَا أَعْوَزَ بَيْتُ الْمَالِ كَانَ الْأَمْرُ بِبِنَاءِ سُورِهِمْ، وَإِصْلَاحِ سَرَبِهِمْ، وَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهِمْ، وَجَوَامِعِهِمْ مُتَوَجِّهٌ إلَى كَافَّةِ ذَوِي الْمُكْنَةِ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمْ فِي الْأَمْرِ بِهِ فَإِنْ شَرَعَ ذَوُو الْمُكْنَةِ فِي عَمَلِهِ، وَبَاشَرُوا الْقِيَامَ بِهِ سَقَطَ عَنْ الْمُحْتَسِبِ حَقُّ الْأَمْرِ بِهِ، وَأَمَّا الْخَاصُّ كَالْحُقُوقِ إذَا بَطَلَتْ، وَالدُّيُونِ إذَا أُخِّرَتْ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا مَعَ الْمُكْنَةِ إذَا اسْتَعْدَاهُ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ، وَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُلَازِمَ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ لِافْتِقَارِ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادٍ شَرْعِيٍّ فِيمَنْ يَجِبُ لَهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قَدْ فَرَضَهَا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَدَائِهَا، وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ مَنْ تَجِبُ كَفَالَتُهُ مِنْ الصِّغَارِ لَا اعْتِرَاضَ لَهُ فِيهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الشُّرُوطِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِيهَا، فَأَمَّا قَبُولُ الْوَصَايَا، وَالْوَدَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ فِيهَا أَعْيَانَ النَّاسِ وَآحَادَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا عَلَى الْعُمُومِ حَثًّا عَلَى التَّعَاوُنِ بِالْبِرِّ، وَالتَّقْوَى ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ يَكُونُ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
[فَصَلِّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْن حُقُوق اللَّه تَعَالَى وَحُقُوق الْآدَمِيِّينَ]
(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَكَأَخْذِ الْأَوْلِيَاءِ بِنِكَاحِ الْأَيَامَى مِنْ أَكْفَائِهِنَّ إذَا طَلَبْنَ، وَالْتِزَامِ النِّسَاءِ أَحْكَامَ الْعِدَدِ إذَا فُورِقْنَ، وَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ خَالَفَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ تَأْدِيبُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَنْ نَفَى
1 / 26