[مُقَدِّمَة الْكتاب]
رَبِّ يَسِّرْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عُرِفَ بِابْنِ الْأُخُوَّةِ الْقُرَشِيُّ نَسَبًا وَالشَّافِعِيُّ مَذْهَبًا الْأَشْعَرِيُّ مُعْتَقَدًا تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَرَأَ النَّسَمَةَ وَفَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَسَطَ بِسَاطَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ السَّمَاءَ عَلَيْهَا كَالْقُبَّةِ وَقَسَمَ أَرْزَاقَ الْخَلَائِقِ وَآجَالَهُمْ وَرَتَّبَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةً وَرُتْبَةً وَجَعَلَ أَجَلَّ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ مَنْصِبَيْ الْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَخُصُّنَا مِنْهُ بِالْقُرْبَةِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تَمْنَحُنَا مِنْهُ الْجَنَّةَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي كَشَفَ اللَّهُ بِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلَّ كَذِبِيٍّ وَنَصَرَهُ عَلَى مَنْ عَادَاهُ وَقَاوَاهُ كَأَبِي جَهْلٍ وَعُتْبَةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ صَلَاةً دَائِبَةً تَكُونُ لِقَائِلِهَا أَشْرَفَ نِسْبَةً.
وَبَعْدُ: فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَجْمَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ مُسْتَنِدًا بِهِ إلَى الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ اسْتَنَدَ لِمَنْصِبِ الْحِسْبَةِ وَقُلِّدَ النَّظَرَ فِي مَصَالِحِ الرَّعِيَّةِ وَكَشَفَ أَحْوَالَ السُّوقَةِ وَأُمُورَ الْمُتَعَيِّشِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِمَادًا لِسِيَاسَتِهِ وَقَوَامًا لِرِئَاسَتِهِ فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَضَمَّنْتُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ وَطَرَّزْتُهُ بِالْحِكَايَاتِ وَالْآثَارِ وَنَبَّهْتُ فِيهِ عَلَى غِشِّ الْمَبِيعَاتِ وَتَدْلِيسِ أَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ مَا يَسْتَحْسِنُهُ مَنْ تَصَفَّحَهُ مِنْ ذَوِي الْأَلْبَابِ وَالْعُلُومِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْكِتَابَ عُنْوَانُ عُقُولِ الْكُتَّابِ وَجَعَلْتُهُ سَبْعِينَ بَابًا يَشْتَمِلُ كُلُّ بَابٍ مِنْهَا عَلَى فَصُولٍ شَتَّى.
1 / 6