113

فقلت في إصرار: أكاد أقول إنك تقصد بها شيئا أكثر من مجرد صورة. أنت ترمز بها إلى معنى في ضميرك.

فالتفت إلي في دهشة قائلا: ماذا تقصد أنت؟

وكان تعبير وجهه في دهشته صادقا حتى وقع في وعيي أنه لم يقصد شيئا سوى تلك الصورة، سوى الطلل والطفلة والشيخ والمئذنة، التي استرعت اهتمامه لسبب يجهله هو أيضا.

فسألته: بماذا تريد أن تسميها؟

وكنت أعرف أنه يحب أن يسمي كل صورة باسم غامض.

فهز كتفيه قائلا: ربما سميتها الانتظار.

فقلت: وما معناه؟

فهز كتفيه مرة أخرى قائلا: الانتظار؟!

ولم أفهم من قوله شيئا فعدت أنظر إلى الصورة واكتفيت منها بالأثر العميق الذي وقع في نفسي.

وكانت تلك آخر جلسة طويلة معه في المرسم؛ لأني نقلت من القاهرة بعد ذلك وقضيت عدة سنوات أجوب البلاد في الشمال والجنوب، وصرت لا أرى صاحبي إلا في مقابلات عابرة يفصل بين كل منها والأخرى سنة كاملة أو عدة أشهر.

अज्ञात पृष्ठ