ثانيا : الله عز وجل قال في قصة آدم عليه السلام بعد أن قال له ولزوجته : (( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) ( البقرة 35 ) (( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة )) ( الأعراف 22 ) ، قال عن آدم : (( وعصى آدم ربه فغوى )) ، (( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) (طه 121 ، 122) ، فسماه ظالما هذا مع أن خطايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا عمد فيها ، قال تعالى : (( فنسي ولم نجد له عزما )) ، ووقوع المعصية منهم هو لتفريطهم في التحرز عن المعصية لظنهم أنهم لا يقعون فيها لما معهم من الخشية لله سبحانه والمراقبة له جل وعلا في السر والعلن ، فكان ذلك سببا في وقوع المعصية منهم سهوا أو لظنه أنها غير معصية (1) ، فدل الكلام أن الآية لا تفيد الاستغراق لوصف آدم بالظلم مع مراعاة ما تقدم .
ثالثا : إن الظالم هو الناكث لعهد الله والناقض لقوانينه وحدوده ، وكل من ارتكب ما هو حرام فضلا عما هو شرك وكفر ينادى من فوق العرش في حقه : لا ينال عهدي الظالمين (2) ، فلا يدخل في ذلك من أتى بالصغائر لأن مقامه ليس مقام نبوءة فيكفي العدالة الظاهرة وأما الباطنة فلا دليل عليها بل إن العبادة والجهاد والتقوى وغيرها دليل على العدالة الباطنة وهذا دليل على عدم الاستغراق .
2- قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) :
पृष्ठ 31