मेरे पिता अलाउद्दीन के साथ उसकी जेल में
مع أبي العلاء في سجنه
शैलियों
والنوع الثاني تبعة الناس الذين يرون أسباب الشر فلا يتجنبونها، ولا يعدلون بأنفسهم عنها، وإنما يقبلون عليها، ويسرعون إليها، فهذه تبعة سلبية. وأيسر ما يستخلص من تحقيق هاتين التبعتين أن الإنسان ليس مسئولا كل السؤال عن سيئاته؛ لأنه لم يبتكر أسبابها، ولم يخلق دواعيها، ولم ينصب أشراكها في طريقه. ولكنه في الوقت نفسه ليس معفى كل الإعفاء من هذه السيئات؛ لأن له عقلا يهديه في هذا الطريق، ويدله على مواضع هذه الأشراك، فمن الحق عليه أن يهتدي وهو ملوم إذا لم يفعل. وإذن فهو الجبر الملطف، إن صح هذا التعبير، الجبر الذي يعذر الإنسان بعض العذر، ولكنه لا يعفيه من التبعات كلها.
الجبر الذي يبيح لأبي العلاء أن يلوم الناس على آثامهم، ويأمرهم بالخير، ويفرض عليه أن يحتاط لنفسه فيصطنع الخير ما وجد إلى ذلك سبيلا، ويكف أذاه عن الأحياء ما وسعه أن يكف أذاه عنهم.
وهذا الرأي من آراء أبي العلاء شائع في اللزوميات شيوعا شديدا على تفاوت في ذلك، فهو مرة يسرف في الجبر، ومرة يقتصد فيه، وهو على كل حال يؤمن بمقدار منه يتيح له أن يطمع في العفو مهما تعظم السيئات إذا كانت التوبة النصوح. على أنه قد يسوء ظنه، ويشتد خوفه، ويعظم يأسه، فيكاد يقنط من روح الله قنوطا.
هذا كله حين يفكر في نفسه، وفي الناس، وفي حياتهم العاملة، وفيما قد يصيبهم أو لا يصيبهم من التبعات. أما إذا فكر في الأمر تفكيرا فلسفيا مطلقا، فهو يمضي في الجبر إلى أبعد حدوده، ولعله يتجاوز الجبر إلى ما هو أعظم منه خطرا؛ فلا ينكر التكليف، ولا يجادل في أن الثواب والعقاب عدل، وإنما ينكر البعث إنكارا، ويصبح ماديا أبيقوريا بأوسع معاني هذه الكلمة، وأدقها في وقت واحد.
والشيء الثاني الذي أريد تسجيله من هذا الفصل هو رأي أبي العلاء في النفس، وهو رأي يثبته في اللزوميات كما يثبته هنا، وهو متصل بالرأي الذي صورته آنفا، فالحياة مصدر الشر؛ لأن النفس مصدر الحياة، والجسم من غير النفس جماد، لا يحسن ولا يسيء، وإنما يبدأ إحسانه وإساءته حين تنبعث منه النفس فيحيا. وأبو العلاء يلوم نفسه ويزجرها، ويرى أنها تحاول أن تخدعه وتغشه، ويأبى عليها هذا الغش، وذلك الخداع، ويعلن إليها أنه لو استطاع فراقها لفعل فطلقها كما تطلق الزوج، أو أعتقها كما تعتق الأمة، أو ذبحها كما تذبح الشاة، وهو على كل حال يدعوها إلى فراقه، وإلى أن تنزل بعد هذا الفراق حيث تشاء.
ورأي أبي العلاء هذا في النفس مثبت في اللزوميات كما قدمت. واقرأ قوله:
أعائبة جسدي روحه
وما زال يخدم حتى ونى
وقد كلفته أعاجيبها
فطورا فرادى وطورا ثنا؟
अज्ञात पृष्ठ