मेरे पिता अलाउद्दीन के साथ उसकी जेल में
مع أبي العلاء في سجنه
शैलियों
إراحة جسم أن مسلكه صعب
ألم تر أن المجد تلقاك دونه
شدائد من أمثالها وجب الرعب؟
إذا افترقت أجزاؤنا حط ثقلنا
ونحمل عبئا حين يلتئم الشعب
وأمس ثوى راعيك وهو مودع
ولو كان حيا قام في يده قعب!
وقد أعجبني هذا الصوت الشاحب المشرق، والمحزون المبتهج، ووجدت في الاستماع له لذة وأنسا لم أجدهما في الاستماع لصوت قط. ولكني تجاوزت الصوت مسرعا إلى ما كان يملي من الشعر، فوقفت منه عند أمرين، أو قل عند أمور ثلاثة مختلفة، ولكن ائتلافها هو قوام هذه الأبيات.
وقفت عند معناه، ووقفت عند أسلوبه، ووقفت عند لفظه، فأما معناه فقد رأيت فيه إنتاج العقل الفلسفي، وإنتاج الخيال الشعري، وائتلافا غريبا لا يخلو من تكلف بين هذين النوعين من الإنتاج، ولكنه تكلف لا يحفظ ولا يغيظ، ولا يزور بالسامع عنه، ولا عن صاحبه. فأما العقل الفلسفي فقد أنتج لصاحبه بعد التفكير والروية أن الحياة عناء للأجسام؛ لأنها تحملها من أثقال وأعباء ما لا تحتمله إن فقدت الحياة. وهي إنما تحملها هذه الأعباء وتلك الأثقال؛ لأنها تجمع أجزاءها المتفرقة، وتلائم بين بعضها وبعض، وتحدث بينها من التضامن ما يهيئها لحمل ثقلها الخاص أولا، وللنهوض بما يحمل عليها من الأثقال الأجنبية ثانيا. فإذا تفرقت هذه الأجزاء بعد اجتماعها، وتباعدت بعد اقترابها، وفقدت هذا التضامن الذي كان يؤلف منها وحدة متماسكة، يحمل بعضها ثقل بعض، وينهض كلها بأثقال غريبة عنه لم تتكلف مشقة، ولم تتعرض لجهد، ولم تحتمل ثقلا؛ لأنها ليست مهيئة لذلك، ولا ميسرة له، ولا قادرة على النهوض به. وأنت لا تحمل الأشياء المتباعدة شيئا مجتمعا، وإنما سبيلك - إن أردت أن تحمل شيئا على شيء - أن تلائم بين الحامل والمحمول، وأن تهيئ أحدهما لقبول الآخر.
وإذن فالموت مريح للأجسام من احتمال الأثقال، والنهوض بالأعباء؛ لأنه يفرق أجزاءها، ويشتت ما اجتمع منها، ويلغي ما كان بينها من التضامن والتعاون. وإذن فأمر هذا العالم بين جمع وتفريق، وبين تباعد وتقارب، والحياة من أهم عناصر الجمع بعد التفريق، والتقريب بعد التباعد، والموت ينقض ما جمعت، ويفرق ما ألفت. فمن كره الجهد، وتبرم بالمشقة، وسئم العنف واحتمال الأثقال، وآثر الراحة الكبرى فسبيله أن يؤثر الموت؛ لأنه يحط عنه كل ثقل، ويلقي عنه كل عبء؛ ولأنه يبدأ فيحط عنه ثقل نفسه قبل أن يحط عنه ثقل غيرها من الأشياء. وهذا المعنى في نفسه واضح مستقيم لا غموض فيه ولا عوج، وهو في الوقت نفسه مظلم قاتم، عظيم الحظ من التشاؤم، يصور التئام الجسم الحي على أنه شر يصدر عنه الجهد والتعب، ويصور افتراق هذه الأجسام على أنه خير تصدر عنه الراحة والهدوء، فهو يزهد في الحياة، ويرغب في الموت.
अज्ञात पृष्ठ