50

माबसूत

المبسوط

प्रकाशक

مطبعة السعادة

प्रकाशक स्थान

مصر

تَتَحَقَّقُ الْبَلْوَى فَإِنَّهَا تَنْقَضُّ مِنْ الْهَوَاءِ فَلَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْأَوَانِي عَنْهَا خُصُوصًا فِي الصَّحَارِي بِخِلَافِ سِبَاعِ الْوَحْشِ.، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ قَالَ مَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَفِ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ مِنْقَارَهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَجَاسَةٍ عَادَةً. وَأَمَّا سُؤْرُ السِّنَّوْرُ فَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بِغَيْرِهِ أَحَبَّ إلَيَّ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ هُوَ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصْغِي الْإِنَاءَ لِهِرَّةٍ حَتَّى تَشْرَبَ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِالْبَاقِي». (وَلَنَا) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ﵄ «يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْهِرَّةِ مَرَّةً»، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْكَرَاهَةِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «الْهِرَّةُ سَبُعٌ»، وَهِيَ مِنْ السِّبَاعِ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂ يَدُلُّ عَلَى الطَّهَارَةِ فَأَثْبَتْنَا حُكْمَ الْكَرَاهَةِ عَمَلًا بِهِمَا جَمِيعًا، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ ﵀ يَقُولُ: كَرَاهَةُ سُؤْرِهِ لِحُرْمَةِ لَحْمِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إلَى التَّحْرِيمِ أَقْرَبُ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ ﵀ كَرَاهَةُ سُؤْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ فَلَا يَخْلُو فَمُهُ عَنْ النَّجَاسَةِ عَادَةً، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالْأَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ الْأَثَرِ. قَالَ (وَإِنْ مَاتَ فِي الْإِنَاءِ ذُبَابٌ، أَوْ عَقْرَبٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ لَمْ يُفْسِدْهُ عِنْدَنَا)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁ يُفْسِدُهُ إلَّا مَا خُلِقَ مِنْهُ كَدُودِ الْخَلِّ يَمُوتُ فِيهِ، وَسُوسِ الثِّمَارِ يَمُوتُ فِي الثِّمَارِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى نَجَاسَةِ كُلِّ مَيْتَةٍ، وَإِذَا تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ تَنَجَّسَ مَا مَاتَ فِيهِ إلَّا أَنَّ فِيمَا خُلِقَ مِنْهُ ضَرُورَةً، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ عَنْهُ فَصَارَ عَفْوًا لِهَذَا. (وَلَنَا) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، ثُمَّ اُمْقُلُوهُ، ثُمَّ اُنْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمًّا، وَفِي الْآخِرِ شِفَاءً»، وَإِنَّهُ لَيُقَدِّمُ السُّمَّ عَلَى الشِّفَاءِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذُّبَابَ إذَا مُقِلَ مِرَارًا فِي الطَّعَامِ الْحَارِّ يَمُوتُ فَلَوْ كَانَ مُفْسِدًا لَمَا أَمَرَ بِمَقْلِهِ، وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ إذَا مَاتَ فِي الْإِنَاءِ فَهُوَ الْحَلَالُ أَكْلُهُ، وَشُرْبُهُ، وَالْوُضُوءُ بِهِ»، وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا مَاتَ فَإِنَّمَا يَتَنَجَّسُ لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ حَتَّى لَوْ ذُكِّيَ فَسَالَ الدَّمُ مِنْهُ كَانَ طَاهِرًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] فَمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ لَا يَتَنَاوَلُهُ نَصُّ التَّحْرِيمِ فَلَا يَنْجُسُ مَا مَاتَ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى

1 / 51