الوجه الحادي والأربعون:
ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: "اللهم فقهه في الدين" ١.
الوجه الثاني والأربعون:
أن صورة المسألة ما إذا لم يكن في الواقعة حديث، ولا اختلاف بين الصحابة وإنما قال بعضهم فيها قولا ولم يعلم أنه اشتهر في الباقين، ولا أنهم خالفوه، فنقول: من تأمل المسائل الفقهية، وتصرف في مداركها وارتوى من مواردها، علم قطعا أن كثيرا منها قد تشتبه فيها وجوه الرأي، بحيث لا يوثق فيها بظاهر مراد أو قياس صحيح ينشرح له الصدر، بل تتعارض فيها الظواهر والأقيسة على وجه يقف المجتهد في أكثر المواضع، لا سيما إذا اختلف الفقهاء، فإن عقولهم من أكمل العقول، فإذا وجد قول لأصحاب رسول الله ﷺ الذين هم سادات الأمة، وأعلم الناس، وقد شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، كان الظن والحالة هذه بأن الصواب في جهته من أقوى الظنون، وإذا كان المطلوب في الحادثة إنما هو ظن راجح، فلا شك أن الظن الذي يحصل لنا به أرجح من كثير من الظنون.
الوجه الثالث والأربعون:
أن الصحابي إذا قال قولا فله مدارك ينفرد بها عنا، ومدارك نشاركه فيها، فأما ما يختص به فيجوز أن يكون سمعه من النبي ﷺ شفاها أو من صحابي آخر عن رسول الله ﷺ فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به، فلم يرو كل منهم
_________
١ صحيح البخاري: كتاب الوضوء (١٤٣)، ومسند أحمد (١/٢٦٦،١/٣١٤) .
1 / 30