قال بعض العلماء: هذه الأمور التي كان صلى الله عليه وسلم بدأ بها من صدق الرؤيا وإيثار الخلوة في غار حراء والتعبد فيه، إنما هي مقدمات جعلت مبادئ لظهور نبوته صلى الله عليه وسلم، ورؤيا الأنبياء وحي، قال الله عز وجل: {إني أرى في المنام أني أذبحك}.
قالوا: لطف الله تعالى فحبب إليه الخلوة، وألزمه شعار التقوى وأقامه مقام التعبد لئلا يصادف الوحي إذ جاءه صعبا وعرا، قيل ولذلك ضغطه الملك لأن الآدمي لا يسمح بما في وسعه إذا بلغ منه المشقة.
وقوله: يا ليتني فيها: الهاء راجعة إلى الدعوة.
وقوله: لا يحزنك: كذا في هذه الرواية بالحاء غير المعجمة وبالنون من الحزن، وروي: لا يخزيك الله، بالخاء المعجمة والزاي، من الخزي وهو الهوان، أي لا يهينك الله.
فصل
قال أهل التاريخ: لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم دين
الله ودخل فيه رجال ونساء أنزل الله عز وجل: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا فصعد عليه ثم نادى يا صباحاه فاجتمع إليه الناس، فبين رجل يجيء وبين رجل يبعث رسوله فقال : يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف! يا بني يا بني! أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل يريد أن يغير عليكم أصدقتموني؟
قالوا: نعم.
पृष्ठ 188