وعينا احم المقلتين وعصمة ... تثنى وصلها دان من الظلف مكتب
إذا واجه من محرف الضأن اربلت ... عطاها كما يعطوني ذرى الضأن فرهب
ترى ضيفنا يأتي يبيت بغبطة ... وضيف ابن قيس جائع يتوجب
طرائف من الوصف بالهزال، والمشهور مما وقع في ذلك ما وصف به الحمدوني شاة أهداها له أبو محمد سعيد بن أحمد جاء منها شعرا:
أسعيد قد أعطيتني أضحية ... مكثت عندكم زمانا لا تطعم
نضوا تغامزت الكلاب بها وقد ... نذرت عليها كي تموت فتؤلم
وإذا الملأ ضحكوا بها قالت لهم ... لا تهزؤا بي وارحموني ترحموا
وقف الهوى حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
وقال آخر:
أبا سعيد لنا في شأنك العبر ... جاءت وما إن لها بول ولا بعر
وكيف تبعر شاة عندكم مكثت ... طعامها الأبيضان الشمس والقمر
لو أنها أبصرت في نومها علفا ... غنت له ودموع العين تنهمر
يا مانعي لذة الدنيا بما رحبت ... إني ليقنعني من وجهك النظر
ولآخر:
لسعيد شويهة ... سلها الضر والعجف
وقد تغنت وأبصرت ... رجلا حاملا علف
بأبي من بكفه ... برء دائي من الدنف
فأتاها مطعما ... فأتته لتعتلف
فتولى وأقبلت ... تتغنى من الأسف
ليته لم يكن وقف ... عذب القلب وانصرف
الباب الخامس
في طبائع الحشرات والهوام
ويسمى مجموعها ابن أبي الأشعث الحيوان الأرضي لأنه لا يمكنه مفارقتها إلى الهواء، ولا إلى الماء وهو منجحر فيها ويركن في بطنها، وإن سعى على الأرض لا يضطر إلى شرب الماء ولا يحتاج إلى شم النسيم ما دام لابثا في بطنها، لأنه يغتذي منها، وإن كان متنفسا فتنفسه من البخارات التي تتولد في احجرته، وهذا البخار قريب من طبيعة الماء وهو أبرد الحيوان مزاجا، وأثبته وأشده ذعرا، واستيحاشا وخوفا من الناس وضروبه: الأفاعي والحيات، والجرذان، البرية والأهلية، والخلد، واليربوع والضب، والحرذون، والقنفذ، والعقرب، والخنفساء، والوزغ، والنمل، وضروب غير ذلك وإنما ينبغي أن نبدأ من أشهرها وأضرها.
القول في طبائع الحيات
1 / 63