4
وفي جمال الذات وجمال المعنى، فهو بذلك حلقة الاتصال بين الفلسفة والفن، وهو - فلسفيا - جزء من علم النفس.
عم ينبعث الشعور بالجمال؟ هل هناك جمال قائم بنفسه، أو أن الشعور بالجمال يعتمد على ما نجده من أنفسنا في الشيء، وعلى ما يظهر به الشيء أمام أعيننا، ومن ثم كان الصوت أو المنظر يسر إنسانا ولا يسر آخر بل ربما يسوءه؟ ما خواص الحركات والأشياء التي يكون بها الصوت جميلا منسقا يلذ السامعين؟ هل هناك عنصر مشترك في كل ما هو جميل؟ هذه المباحث وأمثالها هي التي يشتغل علم الجمال بدرسها.
قال الأستاذ «بين» في كتابه (الانفعالات والإرادة): «إن الفكرة الأولى في الجمال تنشأ عن الألوان، فالطفل قبل أن يشعر بلذة من جمال شكل أو جمال حركة تأخذ ببصره الألوان الزاهية والصور البديعة، وإني أميل إلى تقرير ذلك عند القرويين؛ فإنه تغلب عليهم هذه الفكرة في الجمال حتى في تقدير جمال النساء.»
ويوضح هذه الفكرة أن الأجناس البشرية الأولى والأشخاص الذين لا يزالون في طور الانحطاط ينجذبون نحو الألوان الزاهية في الجماد والحيوان.
إن من أخذوا بحظ قليل من الرقي ولم يصلوا إلى حد أن يوجهوا نظرهم نحو أنفسهم يميلون إما إلى الألوان القوية (كالأحمر والأصفر) أو الألوان المتنوعة، أما الراقون المهذبون فيميلون إلى الألوان المتلائمة والخفيفة، تعجبهم وحدة الفكرة التي تنسق الألوان المختلفة والمظاهر المتعددة.
والقوة التي بها نميز الجمال ونقومه هي التي نسميها بالذوق، وهي ملكة في الإنسان بها يشعر بلذة الجمال، منحها الناس على تفاوت فيما بينهم، يرقيها التهذيب والمدنية في الفرد والمجتمع إلى درجات متفاوتة.
إنا لنرى أن الصوت الواحد أو المنظر الواحد لا يؤثر في السامعين والناظرين أثرا واحدا، وسبب ذلك:
أولا:
أن الخيوط العصبية ليست سواء في التركيب عند الناس، وأن الاختلاف بينهم في المزاج والتربية والعادات كبير.
अज्ञात पृष्ठ