242

وكانت فضيلة السبق إلى منابذة الظالمين وانتهت إلى هؤلاء فاتفقوا على القاسم وبايعوه، وكانوا قد امتحنوا على فضلهم المشهور الشديد.

فروى أحمد بن عيسى بن زيد -عليهم السلام- قال: طلبنا هارون أنا والقاسم بن إبراهيم، وعبد الله بن موسى، فتفرقنا في البلاد فوقعت إلى ناحية الري، ووقع عبد الله بن موسى إلى الشام، وخرج القاسم إلى اليمن.

فلما توفي هارون اجتمعنا في الموسم، فتشاكينا ما مر بنا فقال القاسم عليه السلام : أشد ما مر علي أني لما خرجت من مكة أريد اليمن في مفازة لا ماء فيها، ومعي بنت عمي زوجتي وبها حبل، فجاءها المخاض في ذلك الوقت، فحفرت لها حفرة لتتولى أمر نفسها وضربت في الأرض أطلب الماء لها، فرجعت إليها وقد ولدت غلاما، فأجهدها العطش، فرجعت[إليها] وقد ماتت، والولد حي، فكان بقاء الولد أشد علي من وفاة أمه، فصليت ركعتين، ودعوت الله أن يقبضه، فما فرغت من دعائي حتى مات.

وشكى عبد الله بن موسى أنه خرج من بعض قرى الشام، وقد اشتد عليه الطلب، وأنه صار إلى بعض المشائخ وقد تزيا بزي الفلاحين فسخره بعض الجند وحمل على ظهره شيئا، فكان إذا أعيا ووضع ما على ظهره للاستراحة ضربه ضربا شديدا، وقال: لعنك الله، ولعن من أنت منه.

पृष्ठ 343