Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
121

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

अन्वेषक

عمر بن محمود أبو عمر

प्रकाशक

دار ابن القيم

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

प्रकाशक स्थान

الدمام

शैलियों

جَنَاحَهَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَأَعْطَى هَذَا الْمَشْهَدَ حَقَّهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ بِحَرْسِ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَتَيَقَّنَ أَنَّهَا بِمَرْأًى مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَمُشَاهَدَةٍ لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدَ مَشْهَدَ الْقَيُّومِيَّةِ الْجَامِعَ لِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَأَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَقَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ. وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ الْقَائِمُ عَلَيْهِ بِتَدْبِيرِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقَهْرِهِ وَإِيصَالِ جَزَاءِ الْمُحْسِنِ وَجَزَاءِ الْمُسِيءِ إليه وأنه بكمال قَيُّومِيَّتِهِ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ وَلَا يَضِلُّ وَلَا يَنْسَى. وَهَذَا الْمَشْهَدُ مِنْ أَرْفَعِ مَشَاهِدِ الْعَارِفِينَ وَهُوَ مَشْهَدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَأَعْلَى مِنْهُ مَشْهَدُ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي هُوَ مَشْهَدُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمُ الْحُنَفَاءِ وَهُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ إِلَهِيَّةَ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ وَمُحَالٌ كَمَا أَنَّ رُبُوبِيَّةَ مَا سِوَاهُ كَذَلِكَ فَلَا أحد سواه يسحق أَنْ يُؤَلَّهَ وَيُعْبَدَ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدَ وَيَسْتَحِقَّ نِهَايَةَ الْحُبِّ مَعَ نِهَايَةِ الذُّلِّ لِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. فَهُوَ الْمُطَاعُ وَحْدَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَأْلُوهُ وَحْدَهُ وَلَهُ الْحُكْمُ فَكُلُّ عُبُودِيَّةٍ لِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ وَعَنَاءٌ وَضَلَالٌ وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لِغَيْرِهِ عَذَابٌ لِصَاحِبِهَا وَكُلُّ غِنًى بِغَيْرِهِ فَقْرٌ وَفَاقَةٌ، وَكُلُّ عِزٍّ بِغَيْرِهِ ذُلٌّ وَصَغَارٌ وَكُلُّ تَكَثُّرٍ بِغَيْرِهِ قِلَّةٌ وَذِلَّةٌ، فَكَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لِلْخَلْقِ رَبٌّ غَيْرُهُ فَكَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُهُ، فَهُوَ الَّذِي انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرَّغَبَاتُ وَتَوَجَّهَتْ نَحْوَهُ الطَّلَبَاتُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِلَهٌ آخَرُ فَإِنَّ الْإِلَهَ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الْغَنِيُّ الصَّمَدُ الْكَامِلُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّذِي حَاجَةُ كُلِّ أَحَدٍ إِلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى أَحَدٍ وَقِيَامُ كُلِّ شَيْءٍ بِهِ وَلَيْسَ قِيَامُهُ بِغَيْرِهِ -إِلَى أَنْ قَالَ- فَمَشْهَدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ مَشْهَدُ الْحُنَفَاءِ وَهُوَ مَشْهَدٌ جَامِعٌ لِلْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَحَظُّ الْعِبَادِ مِنْهُ بِحَسَبِ حَظِّهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَلِذَلِكَ كَانَ الِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى هُوَ اسْمَ اللَّهِ ﷻ فَإِنَّ هَذَا الِاسْمَ هُوَ الْجَامِعُ وَلِهَذَا تُضَافُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى كُلُّهَا إِلَيْهِ فَيُقَالُ: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ الْقَهَّارُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ: اللَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّحْمَنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ فَهَذَا الْمَشْهَدُ تَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَشَاهِدُ كُلُّهَا وَكُلُّ مَشْهَدٍ سِوَاهُ فَإِنَّمَا هُوَ مَشْهَدٌ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَمَنِ اتَّسَعَ قَلْبُهُ لِمَشْهَدِ الْإِلَهِيَّةِ وَقَامَ بِحَقِّهِ مِنَ التَّعَبُّدِ الَّذِي هُوَ كَمَالُ الْحُبِّ مَعَ كَمَالِ الذُّلِّ وَالتَّعْظِيمِ وَالْقِيَامِ بِوَظَائِفِ الْعُبُودِيَّةِ فَقَدْ تَمَّ لَهُ غِنَاهُ بِالْإِلَهِ الْحَقِّ وَصَارَ

1 / 127