मा वारा अडयान
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
शैलियों
ولهذا، فأنا سعيد للغاية لمشاركة هذا الفهم الهندي للعلمانية والتشجيع عليه؛ إذ إنني أعتقد أنه سيكون ذا قيمة كبيرة للإنسانية جمعاء. ففي عالم اليوم المترابط والمعولم، أصبح من المألوف للأشخاص من ذوي وجهات النظر والأديان والأعراق العالمية المختلفة أن يعيشوا جنبا إلى جنب. وكثيرا ما يدهشني هذا في أسفاري، لا سيما في الغرب. بالنسبة إلى جزء كبير من البشرية اليوم، من المحتمل أو من المرجح، أن يكون جار المرء، أو زميله، أو صاحب عمله من المتحدثين بلغة أم مختلفة، ويأكل طعاما مختلفا، ويتبع ديانة مختلفة.
ولهذا السبب، من الأمور الشديدة الإلحاح أن نجد طرقا للتعاون والتآزر بروح القبول والاحترام المتبادلين. ذلك أنه بينما يجد كثير من الناس بهجة في العيش في بيئة عالمية؛ حيث يمكنهم التعامل مع طيف واسع من الثقافات المختلفة، لا شك بأن آخرين قد يجدون صعوبات في العيش بالقرب من أشخاص لا يشاركونهم لغتهم أو ثقافتهم. فقد يولد هذا ارتباكا وخوفا واستياء؛ مما يؤدي في أسوأ الأحوال إلى عداء مفتوح وأيديولوجيات إقصائية جديدة على أساس العرق أو الجنسية أو الدين. من المؤسف أننا عندما ننظر حول العالم نرى أن التوترات الاجتماعية منتشرة إلى حد كبير بالفعل. إضافة إلى ذلك، يبدو من المحتمل أن مثل هذه الصعوبات قد تزداد مع استمرار الهجرة الاقتصادية.
في عالم كهذا، أرى أن من الضروري لنا أن نجد نهجا مستداما بحق وعالميا للأخلاق، والقيم الداخلية، والنزاهة الفردية؛ نهجا يمكن أن يتجاوز الاختلافات الدينية، والثقافية، والعرقية ويروق للناس على مستوى إنساني جوهري. هذا البحث عن نهج عالمي مستدام هو ما أسميه مشروع الأخلاق العلمانية.
وبينما أستمر في توضيح هذا النهج، يجب أن أراعي وجود بعض الأشخاص الذين لا يزالون يشككون في جدوى فصل الأخلاق عن الأديان بهذه الطريقة، بالرغم من تأييدهم لتفسيري للعلمانية على النهج الهندي. إن انعدام الثقة في محاولات الفصل بين الأمرين قوي للغاية بين بعض أتباع الأديان الألوهية لدرجة أنني حذرت في بعض المناسبات، من استخدام كلمة «علماني» عند الحديث عن الأخلاق أمام الجمهور. من الواضح أن هناك أشخاصا يؤمنون بإخلاص تام بأن فصل الأخلاق عن الدين خطأ كبير في حد ذاته، وأنه بالفعل مصدر للعديد من المشكلات الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع الحديث، مثل تفكك الأسر، وازدياد عدد حالات الإجهاض، والانحلال الجنسي، وإدمان الكحول، وإدمان المخدرات، وما إلى ذلك. فهم يرون أن هذه المشكلات تنتج إلى حد كبير من أشخاص فقدوا أساس تشكيل القيم الداخلية، والذي لا يمكن أن يوفره سوى الأديان. إن الأشخاص الذين ترتبط معتقداتهم الدينية ارتباطا وثيقا بالممارسة الأخلاقية، يصعب عليهم تصور وجود إحداهما دون الأخرى. فبالنسبة إلى من يعتقدون أن الحقيقة تستلزم وجود إله، وحده الإله هو من يمكنه إلزامنا بالأخلاق. فهم يعتقدون أنه من دون إله يؤدي دور الضامن، لا توجد سوى حقيقة نسبية في أفضل الأحوال؛ ومن ثم فما هو صحيح لدى أحد الأشخاص قد لا يكون صحيحا لدى شخص آخر. وفي هذه الحالة، لا يوجد أساس لتمييز الصواب من الخطأ، أو لتقييم الخير والشر، أو للحد من الأنانية والنزعات الهدامة، مع تنمية القيم الداخلية.
على الرغم من أنني أحترم وجهة النظر هذه تماما، فهي ليست وجهة نظري. فأنا لا أوافق على أن الأخلاق تتطلب تأصيلا من المفاهيم الدينية أو الإيمان. وإنما أعتقد اعتقادا راسخا أن الأخلاق يمكن أن تظهر أيضا ببساطة كرد فعل طبيعي وعقلاني لإنسانيتنا في حد ذاتها وحالتنا البشرية المشتركة. (5) الدين والأخلاق
بالرغم من أن هذا الكتاب ليس عن الدين في المقام الأول، ففي سبيل التفاهم والاحترام المتبادلين بين المؤمنين بالدين وغير المؤمنين به، أعتقد أن الأمر يستحق قضاء بعض الوقت للنظر في العلاقة بين الدين والأخلاق.
منذ آلاف السنين والدين يكمن في قلب الحضارة الإنسانية. فليس من العجيب إذن أن يكون الاهتمام بالآخرين والقيم الداخلية الأساسية التي تنبثق من هذا الاهتمام، كالطيبة والأمانة والصبر والعفو، قد صيغت إلى حد كبير بمصطلحات دينية. ففي جميع التقاليد الدينية الرئيسية حول العالم؛ الألوهية وغير الألوهية، يحتفى بهذه القيم إضافة إلى قيم أخرى مثل، الانضباط الذاتي والرضا والكرم، بصفتها هي الدليل لعيش حياة ذات معنى تستحق التعب. ولا غرو في هذا على الإطلاق. فلما كان اهتمام الدين هو الروح البشرية، فمن الطبيعي تماما أن تكون ممارسة هذه القيم الداخلية، التي تجلب مثل هذه المكافآت فيما يتعلق بالسلامة الروحانية لنا ولمن حولنا، جزءا لا يتجزأ من أي ممارسة دينية.
بصفة عامة، يمكن تقسيم نظم العقيدة التي تؤسس عليها أديان العالم القيم الداخلية وتدعمها، في فئتين.
فمن ناحية، لدينا الأديان الألوهية، التي تشمل الهندوسية والسيخية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والإسلام. وفي هذه الأديان، ترتكز الأخلاق في الأساس على فهم محدد للإله بوصفه خالقا وبوصفه الأساس المطلق لكل الوجود. من وجهة نظر ألوهية، فإن الكون بأكمله جزء من خلق وخطة إلهيين؛ ومن ثم فإن نسيج ذلك الكون نفسه مقدس. وبما أن الإله محبة لا نهائية أو عطف لا نهائي، فإن محبة الآخرين جزء من محبة الإله والعمل من أجله. ثم إنه في العديد من الأديان الألوهية يسود الاعتقاد بأننا سنواجه بعد الموت حكما إلهيا؛ مما يوفر حافزا قويا آخر لمراعاة ضبط النفس في تصرفاتنا واتخاذ الحذر الواجب خلال حياتنا هنا على الأرض. عندما تؤخذ طاعة الإله على محمل الجد، يكون لها تأثير قوي في الحد من التمركز حول الذات؛ ومن ثم فإن من شأنها أن تضع الأساس لنظرة أخلاقية محكمة للغاية وإيثارية أيضا.
من ناحية أخرى، لدينا الأديان غير الألوهية، كالبوذية واليانية وفرع من مدرسة السامخيا الهندية القديمة، التي لا تنطوي على الإيمان بخالق إلهي. بدلا من ذلك، فإنها تنطوي على المبدأ الأساسي للسببية، لكن الكون يرى وفقا لها بلا بداية. ومن دون كيان خالق يؤسس للقيم الداخلية والحياة الأخلاقية، تؤسس الأديان غير الألوهية الأخلاق على فكرة «الكارما» بدلا من الإله. إن الكلمة السنسكريتية «كارما»، تعني ببساطة «الفعل». ومن ثم؛ فعندما نتحدث عن الكارما الخاصة بنا، فإننا نشير إلى جميع أفعالنا المقصودة المتمثلة في أفعال الجسد والكلام، والعقل، وعندما نتحدث عن «ثمار» الكارما لدينا، فنحن نتحدث عن عواقب هذه الأفعال. ترتكز عقيدة الكارما على اعتبار السببية قانونا للطبيعة. فكل ما نقصده من الأفعال أو الكلمات أو الأفكار، له تيار من العواقب قد لا ينتهي. وعند الجمع بين هذا الفهم وفكرة البعث والحيوات المتتالية، فإنه يصبح أساسا قويا للأخلاق وتنمية القيم الداخلية. فعلى سبيل المثال، نجد أن أحد التعاليم البوذية الأساسية يتضمن النظر إلى جميع الكائنات على أنها كانت أما للإنسان في مرحلة ما في حيواته السابقة التي لا حصر لها، وذلك كجزء من تأسيس رابط عميق من التعاطف مع جميع الكائنات.
अज्ञात पृष्ठ