أما القرآن الكريم فهو أصدق المصادر المقدسة، وقد جاء فيه ذكر بعض القبائل البائدة كعاد وثمود اللتين انفرد بذكرهما دون بقية الكتب المقدسة، كما جاء فيه بعض أخبار ملوك اليمن كقصة ملكة سبأ، وقصة إسماعيل جد العرب العدنانية، ومسألة سيل العرم وغير ذلك، وقد أيدت الكشوف الحديثة صحة ما ورد في القرآن عن مساكن ثمود وسيل العرم وغيرها.
ويجب أن نلاحظ أن المستشرقين لا يعتبرون الكتب المقدسة من مصادر التاريخ التي يصح الاعتماد عليها. (2-2) التفاسير
وأقصد بها الشروح المسهبة والتعليقات الطويلة التي اعتبرها المفسرون مكملة وموضحة لما أجملته آي القرآن المحكمة الرصينة؛ فإن الشطر الأكبر من هذه المبالغات والخرافات إنما هو من ابتداع خيال المفسرين، ومما دسه عليهم اليهود والمجوس لأغراض في نفوسهم فهذه يجب الحذر منها وعدم الأخذ بها، وقد يكون المفسرون حسني النية، وإنما لجئوا إلى هذه المبالغات لإظهار أن القوم وصلوا إلى درجة كبيرة من العظمة، وأن القصاص الذي نزل بهم عندما عصوا أمر ربهم ولم يستمعوا لأنبيائه كان يتناسب مع ما وصلوا إليه من عظمة. (2-3) مؤرخو اليونان والرومان
جاء ذكر العرب عرضا في تاريخ هيرودوت (المتوفى سنة 406ق.م) أثناء كلامه عن الحرب بين قمبيز والمصريين في القرن السادس قبل الميلاد.
وأشار أرطستيني (المتوفى سنة 194ق.م)، وديودور الصقلي (المتوفى سنة 80ق.م) إلى العرب في كتبهم.
وأفرد استرابون اليوناني (المتوفى سنة 24م) فصلا في مؤلفه الجغرافي ذكر فيه مدن العرب وقبائلهم وشيئا عن أحوالهم التجارية والاجتماعية.
وخصص بطليموس الجغرافي الشهير الذي مات سنة 140م جزءا من كتابه ذكر فيه قبائل بلاد العرب ومدنها وحدود موضعها بالدرجات كما شرح الكثير من أحوال العرب التجارية وغيرها، وفصل ما أجمله سابقوه تفصيلا.
وعلى الرغم من تشتت ما كتبه هؤلاء اليونان والرومان وغيرهم كيوسفيوس اليهودي (المتوفى سنة 93م) فإنهم بلا شك قد ألقوا ضوءا وإن يكن خافتا على تاريخ العرب القديم. (2-4) مؤرخو العرب
لم يكتب مؤرخو العرب تاريخا خاصا لبلاد العرب قبل الإسلام، ولم يتجاوز كل ما كتبوه أن يكون مقدمات لتواريخهم المفصلة الدقيقة للعصر الإسلامي، وحتى هذه المقدمات فإنها لم تكن مفصلة ولا دقيقة، وأوجه الخلاف بين المؤرخين في أسماء الدول والملوك وحوادث التاريخ ومدد الحكم كثيرة، وفي بعض الحالات يظهر التناقض بينا.
وأكثر ما اعتمد عليه مؤرخو العرب في رواية تاريخ العصور السابقة للإسلام هو الأدب العربي من نظم ونثر الذي كان يتناقله الرواة مشافهة، كما أنهم اعتمدوا على بعض آثار اليمن حيث كان الخط المسند لا يزال يقرؤه بعض علماء القرى، وكذلك اعتمدوا على بعض كتب النصارى التي وجدت في الأديرة والكنائس في العراق والشام، وعلى ما تلقطوه من أفواه اليهود في اليمن والحجاز وغيرها.
अज्ञात पृष्ठ