انفرد كل من الشعبين بأسماء تخالف أسماء الشعب الآخر، وكانت أسماء أهل الجنوب تشبه الأسماء البابلية على عكس أسماء أهل الشمال، التي كانت في الغالب مستمدة من مظاهر البداوة التي تحيط بهم. (6)
أهل الشمال مستطيلو الرءوس أشد شبها بأجناس البحر الأبيض، أما أهل الجنوب فمستديرو الرءوس يمتازون بالفك العريض والأنف الأقنى. (7)
وبين الشعبين فوارق خلقية أخرى، فأهل الجنوب أقرب إلى اسوداد اللون، وتشبه سحنهم من وجوه كثيرة سحن الأفريقيين من أهل الحبشة والصومال؛ أما أهل الشمال فإنا نجد الرجل منهم وبخاصة إذا كان بدويا فيه المميزات السامية كاملة، فنجده أسمر، ممدود القامة، تقاطيع وجهه واضحة، وهذا عدا فروقا أخرى مثل الشعر ووزن الجمجمة وغير ذلك. (8)
وأخيرا أنشأ أهل الجنوب حضارة بحكم استقرارهم، أما أهل الشمال فيرجع الفضل إلى الإسلام، في أن كون منهم دولة، ووحدهم لأول مرة في التاريخ.
والآن وقد انتهينا من الكلام على الشعوب العربية إجمالا فإنا نبدأ الكلام بشيء من التفصيل عن تاريخ دول اليمن.
الفصل الرابع
تاريخ اليمن
(1) تمهيد
لا يصح الاعتماد في كتابة تاريخ اليمن على المصادر العربية إلا قليلا.
أولا: لأنها لم تتعرض بشيء من العناية إلا لمعالجة العصور المتأخرة من تاريخ اليمن، أما العصور السابقة لتلك، فإن ما كتبوه إن كانوا كتبوا شيئا لا يجدر أن يسمى تاريخا، إنما هو إلى الخيال والخيال السقيم أقرب، وثانيا: لكثرة ما نلقاه من الاختلافات والتناقضات فيما كتبوا، ونضرب لذلك مثلا بما كتبوه عن الدولة الحميرية: فبينما يذكر المسعودي أن عدد ملوكها خمسة، إذا بابن خلدون يجعلهم ثمانية، وأبي الفداء يجعلهم أحد عشر ملكا، أما نشوان بن سعيد صاحب القصيدة الحميرية فإنه يعد في قصيدته أسماء ستة عشر ملكا.
अज्ञात पृष्ठ