فنسب إلى عاد أنهم كانوا في هيئات النخل طولا، وكانوا في اتصال الأعمار وطولها بحسب ذلك من القدر، إلخ.
وفي هذا تحميل للآية الكريمة أكثر مما تحتمل، يشبه ما كانت توصف به فراعنة مصر من الضخامة والطول مما كذبه الواقع بعد كشف مومياتهم، ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إن قوم هود كانوا يتميزون بضخامة لا تزيد على ما يتميز به بعض الأفراد والعشائر بيننا الآن من بسطة في الخلق.
والآن وقد أبنا ما يمكن أن يستخلص في حدود النصوص القرآنية من تاريخ عاد يجمل بنا أن نذكر بعض ما ورد في كتب المؤرخين المسلمين عن هذه القبيلة مما حدا ببعض المستشرقين إلى اعتبار تاريخها من الميثولوجيا. (أ) عاد في كتب العرب
ورد في الجزء الأول من كتاب «مروج الذهب للمسعودي»: «أن عادا كان رجلا جبارا عظيم الخلقة وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وكان عاد يعبد القمر، وذكروا أنه رأى من صلبه أربعة آلاف ولد، وأنه تزوج ألف امرأة وعاش ألف سنة ومائتي سنة ثم مات، وكان الملك بعده في الأكبر من ولده وهو شديد بن عاد وكان ملكه 850 سنة وقيل غير ذلك، ثم ملك أخو شداد بن عاد وكان ملكه 950 سنة، ويقال إنه احتوى على سائر ممالك العالم وهو الذي بنى مدينة إرم ذات العماد ... إلخ.»
ومدينة إرم ذات العماد هذه تحتل مكانا، أسرف خيال مؤرخي العرب فيه إسرافا شديدا، فلقد روى ياقوت والمسعودي وغيرهما أن هذه المدينة بناها شداد بن عاد، لينافس بها قصور الذهب والفضة في الجنة التي تجري من تحتها الأنهار، وقالوا إنه كتب إلى عماله أن يجمعوا ما في أرضهم من الذهب والفضة والدر والياقوت والمسك والعنبر والزعفران فتوجهوا به إليه، ثم استخرج غواصوه الجواهر فجمعوا أمثال الجبال، وأنه أمر بالذهب فضرب أمثال اللبن، ثم بنى - بذلك اللبن من الذهب وبلبن مثله من الفضة - المدينة، وفصص حيطانها بالدر والياقوت والزبرجد، ثم جعل لها غرفا من فوقها غرف، تعتمد على أساطين من الزبرجد والياقوت، ثم أجرى تحت المدينة واديا طليت حافته بالذهب الأحمر، وجعل حصاه أنواع الجوهر، وبنى بالمدينة 300 ألف قصر، وجعل على بابها مصراعين من ذهب مفصصين بأنواع اليواقيت، وجعل ارتفاع البيوت في المدينة 300 ذراع، وبنى خارج السور كما يدور 300 ألف منظرة بلبن الذهب لينزلها جنوده ومكث في بنائها 500 عام.
ويذكر بعض المؤرخين مبالغات تشبه هذه في مصير المدينة، فمنهم من يذكر أنها بعد أن تم بناؤها لم يسكنها عاد؛ لأنها طارت في السماء، وأن بعض الناس يلمحونها وهي طائرة، ومنهم من يقول: إنها لا يراها إلا من شاء الله له ذلك، ويروون أن رجلا يسمى عبد الله بن قلابة رآها في أيام معاوية بن أبي سفيان، وأن معاوية استدعاه ليعرف جلية الخبر، فأخبره أنه بينما كان يبحث في الصحراء عن بعير ضل منه، إذا به يجد نفسه فجأة أمام باب المدينة، وأنه دخلها فوجدها خاوية على عروشها، فأخذه الذعر فخرج، ولم يحتمل منها إلا بعض الحجارة الصغيرة التي أراها للخليفة.
ويرى الأستاذ جرجي زيدان في كتابه «تاريخ العرب قبل الإسلام» أن عادا من الأمم الآرامية؛ ولذلك سميت عاد إرم كما سميت ثمود إرم، وأنها ليست مدينة، وأن الظن بأنها مدينة هو الذي جعل المؤرخين يبالغون في وصفها هذه المبالغات.
ثمود
ثمود هم قوم صالح عليه السلام وقد ورد ذكرها في القرآن عدة مرات في السور الآتية: (1)
الأعراف 7، آية 73-79. (2)
अज्ञात पृष्ठ