मा हिया सिनिमा
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
शैलियों
من خلال تبني مصطلح «الطليعة» واستئناسه، سبق فالكروز و«كاييه» حركات من قبيل «الحروفيين» الذين هاجموا، بمحافظتهم على نقائهم الأيديولوجي، المؤسسة من وراء حدودها. أما بازان فأراد، على عكس ذلك، أن يعمل ضمن حدود المزيج الثقافي، بالكتابة لصحيفة يومية جماهيرية وهي «لو باريسيان ليبيريه»، وبالمثل لصحيفة النخبة الفكرية «إسبري»، مخاطبا بذلك جمهورا متكاملا (وإن لم يكن عضويا). راقت لبازان حقيقة أن الأفلام الفنية والكوميديات المحلية تعرض على الشاشات عبر الشوارع، من واحدة إلى الأخرى، وشعر بأن أكثر الأفلام طموحا فنيا لا تجب الإشادة بها بسبب هروبها من الثقافة السائدة في رحلات من الاستفزاز أو التجريد، ولكن بدلا من ذلك، ينبغي تسخير طاقتها وخيالها لرفع الحقل السينمائي بالكامل إلى مستوى جديد. أسست «كاييه» لإبقاء السينما بالكامل في الاعتبار، وفي الوقت نفسه من أجل التحديد والتكثيف لأكثر الاتجاهات أملا وتنبؤا. لذا فقد سمى بازان روسيليني وبريسون وأنييس فاردا، وقليلين غيرهم «طليعة» لدفعهم زملاءهم - المخرجين الملتزمين بمعايير السينما السائدة - لتوسيع قاعدة جمهورهم؛ في الوقت نفسه أسقط من اعتباره الأفلام التجريبية التي كانت موجهة إلى قلة معينة أو إلى جمهور المتاحف. لم تمر سنوات طويلة، في ذروة «الموجة الجديدة»، حتى تجاهل محررو «كاييه» - الذين كانوا عازمين على الحفاظ على سمعتهم بوصفهم متمردين مشاكسين ضد نظام عفا عليه الزمن - بالكامل الأعمال الطلائعية الأصيلة التي استخدمها جي ديبور لتطويقهم بها على اليسار.
5
كانت معركة «كاييه» مع الفيلم الفرنسي الكلاسيكي الذي تحجر داخل «تقليد الجودة»؛ ولذلك، ارتدوا بلا حق رداء الطليعة، فقط لتزيين الحداثة التي كانوا يؤيدونها في الأساس.
الواقع أن «كاييه» لم تول قط انتباها كبيرا للطليعة الأصيلة، سواء طليعة العشرينيات الأوروبية أو تلك التي نتجت من انبعاثها في فترة ما بعد الحرب العالمية في نيويورك. عنوان كتاب بازان «ما هي السينما؟» عنوان رمزي، لا يتجنب فقط الأفلام التجريبية ولكنه يرد عنوانا بعنوان، كما لو كان توبيخا، على كتاب جورج ألتمان «هذه هي السينما»،
6
وهي الجملة التي كان من شأن عشاق السينما من ذلك العصر المبكر أن يرددوها كلما أثار شيء ما على الشاشة نظرهم أو خيالهم. أيد المولعون بالسينما الأوائل هؤلاء، طليعة ما بسبب شعورهم بأن السينما الصامتة، على الرغم من كونها «فنا تكنولوجيا بالكامل»، كانت متأخرة عن أشقائها الأقدم، وخصوصا الرسم. بكتابته للجيل الذي سيأتي بعده، أسقط بازان من حساباته عقدة الدونية هذه، مقتنعا بأن السينما، بوصفها فنا تكنولوجيا - بل بوصفها وسيطا تكنولوجيا (وليذهب الفن إلى الجحيم) - جعلت كل شيء يظهر على الشاشة قابلا لأن يكون مبهرا. كان من شأن السينما أن تتقدم مستغلة الموضوع الذي تجرأت على تناوله.
كان من شأن «الطليعة الجديدة» أن تصير في النهاية «الموجة الجديدة»، لكن هذا أتى بعد عقد تقريبا. في الوقت نفسه، فترت حماسة ما بعد الحرب، وامتدت المعارك الثقافية لعصر الحرب الباردة إلى حقل نقد الأفلام. نجت الواقعية الجديدة بالكاد في أربعينيات القرن العشرين، وفي فرنسا تجمدت المؤسسة السينمائية في «نظام للجودة» نجح بفاعلية في إقصاء الموضوعات الجديدة والمواهب الجديدة عن الشاشة. على الرغم من كل هذا، وفي الوقت نفسه، كان تيار عميق يشق طريقه في التصدعات. وتأكد بازان من تمييز سينما جادة وواعية ومستقلة وقت ظهورها على السطح. في مراجعة حماسية لأول أفلام فاردا (الذي صنع في عام 1954)، أوضح بدقة ما ينبغي أن تعنيه الطليعة في هذه المرحلة من التاريخ:
يوضح فيلم «لا بوانت كورت» جيدا فكرة الطليعة التي كنا نتطلع إلى تعريفها في أيام نادي «أوبجيكتيف 49». بعيدا عن التجريب الشكلي وإنكار الموضوع اللذين ميزا طليعة منتصف العشرينيات، تربط فاردا عملها باليوميات الحميمة، أو بما هو حتى أفضل، وهو سرد المتكلم الذي يفضل أن يظهر بضمير الغائب تحفظا. دعونا نأمل أن هذا التصنيف «الطليعة» لا يعني أن فيلمها سيكون أقل رواجا تجاريا من الأفلام الأخرى؛ لأننا لا نسميه طلائعيا بسبب غرابته أو تعقيده، ولكن لإفراطه في البساطة، تماما مثل فيلم «رحلة إلى إيطاليا» الذي يستحق أن يقارن به، وخصوصا من حيث الموضوع وليس تصميم المشهد.
7
وكما كان يفعل في الأغلب، استعان بازان بالمعين الذي لا ينضب لقيمة سينمائية محددة، ثم وسع من حدسه حتى وصل إلى تيار جمالي خفي يغذي الحقل السينمائي. دون أي دعاية، شرع كل من «لا بوانت كورت » و«رحلة إلى إيطاليا» في رحلتين متوازيتين غير متوقعتين عام 1954 ساحبين السينما (والمشاهدين الجريئين) من ورائهما تجاه لقاء مع مستقبل الفن. يتضمن كل فيلم رحلة حقيقية يقوم بها زوجان لطيفان، لكنهما غير سعيدين، في قلب مجتمع تقليدي على البحر المتوسط (اختارت فاردا بلدة سيت التي تشتهر بصيد الأسماك، واختار روسيليني نابولي). ورغم أن هذا غير مفهوم تقريبا للأبطال وغريب تماما عن المشاهد، فإن هذه الجماعات الاجتماعية تمتلك زمانا (يعيشون بسرعة) على الضد من حس السائحين، ومنهم السينما وجمهورها. يصبح الاحتكاك الناتج من التقاء أسلوبي حياة مضجرا، ثم يزيد من حرارة الدراما لدرجة الالتهاب؛ حيث يحيط «طول أمد» الثقافات المتكاملة (العمل وتناول الطعام، والمواليد والوفيات، والطقوس والمهرجانات) بالأزمات التافهة للحياة الحديثة للطبقة المتوسطة، ويتجاوزها، وهي الأزمات المعبر عنها بالملل الذي يأكل الالتزام بالعلاقة الزوجية.
अज्ञात पृष्ठ