मा बाद हदाथा: मुकद्दिमा क़सीरा जिदा
ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
شكل 4-5: «صباح باكر» (1962) لأنتوني كارو. (يثير العمل متعة تأملية ناتجة عن تعقيده الشكلي واكتفائه الذاتي، ولا يطرح أي أسئلة.)
ألهم المذهب التصوري لدى أوائل الفنانين المتبنين لها مثل موريس وأندريه الكثير من تطورات ما بعد الحداثة اللاحقة، التي غالبا ما جمعت بين الطابع التصوري والتبسيطي من أجل «طرح أسئلة متشككة» عبر أعمال فنية بسيطة حقا. أحد الأمثلة على ذلك هو معرض الفنان مايكل كريج مارتن عام 1973؛ حيث عرض كوب ماء على رف مرآة حمام من النوع المعتاد، على ارتفاع تسعة أقدام على الحائط، وأطلق عليه اسم «شجرة بلوط». لم تضم صالة العرض سوى هذا العمل، بينما أعطي الزائرون استبيانا مكتوبا لا يحمل اسما يتضمن النص التالي:
س:
لقد أطلقت ببساطة على كوب الماء هذا اسم شجرة بلوط، أليس كذلك؟
ج:
بالطبع لا، إنه لم يعد كوبا من الماء بعد الآن. لقد غيرت مادته الفعلية، ولم يعد وصف كوب الماء وصفا دقيقا الآن. يمكنك وصفه بأي وصف تحب، لكن ذلك لن يغير من حقيقة أنه شجرة بلوط ...
شكل 4-6: «شجرة بلوط» (1973) للفنان مايكل كريج مارتن. («أحيانا ما يكون السيجار مجرد سيجار» (قول منسوب إلى سيجموند فرويد).)
إذا كنت قد فهمت مجرد جزء صغير جدا من النظرية التي يناقشها هذا الكتاب، فربما تستوعب بعضا من النقاط التافهة للغاية التي تحيط باعتباطية التسمية، وبوظيفة المعرض الفني، وبمزحة ارتفاع الرف، بل قد تشعر أيضا بالقليل من الرهبة المنبعثة من مفهوم القربان المقدس في اللاهوت الكاثوليكي (الذي استوحى منه الفنان هذا العمل). كلها نقاط ضحلة، تتسم بوعي ذاتي بالغ وبطابع ثقافي ظاهري، وتتمحور حول المظهر الخارجي، إلى جانب كونها «تطرح أسئلة متشككة»، وذلك هو كل ما في الأمر! ففي النهاية، ومن منظور الخمسة والعشرين عاما الأخيرة وما بعدها، هو مجرد كوب لا يعتمد - كما يزعم فريد - إلا على عرضه المسرحي داخل مؤسسة المعارض الفنية وعلى استعداد مؤرخي الفن أمثالي إلى الإشارة إليه في كتاب كهذا، حتى وإن كان بوصفه مثالا بشعا ليس إلا. لكنه ليس مثالا منفردا على الإطلاق، بل يجسد بأغبى طريقة ممكنة الانتشار غير العادي لنزعة ما بعد الحداثة، التي تؤمن بأن تلميحا إلى «النظرية» مع القليل من «التشكك» يكفي لإنتاج عمل فني، متدني الأهمية بالفعل. يرى جودفري - الذي اقتبست منه الاستبيان وصاحب كتاب «الفن التصوري» - أنه «تركيب نقي، وبسيط، وأنيق»، لكنه بالكاد تركيب نقي وبسيط وأنيق على طريقة نحاتين مثل آرتشيبنكو أو برانكوشي أو ديفيد سميث، أو أي عدد من النحاتين الحداثيين، لكنه من ناحية أخرى (عودة إلى مفهوم الأداء المسرحي لدى فريد) ليس تمثالا بالمعنى الحرفي للكلمة، رغم أنه قد يشبه التمثال، بل هو «تركيب» مثل الرفوف سهلة التركيب في حمام أي منا.
برزت كذلك النزعة التبسيطية في الموسيقى كرد فعل تجاه الحداثة (لكنها أنتجت أعمالا فنية أفضل بكثير). يتشابه التبسيط هنا مع نظيره في الفنون المرئية باعتباره رد فعل ضد التعقيد الشكلي وتصريحا بأن الهوس (التكعيبي، المتبني أسلوب الاثنتي عشرة نغمة) بتطوير لغة الفن أصبح سمة تخص القيم النخبوية السائدة في الماضي، ويؤدي إلى تغريب تلك الجماهير التي يتوق بعد الحداثيين إلى مخاطبتها. إن الموسيقى التبسيطية التي قدمها كل من رايلي ورايش وجلاس ونايمان وفيتكين - والتطورات اللاحقة التي أدخلها جون آدامز ومايكل تورك على هذا الأسلوب - تجعل الحد الفاصل بين الموسيقى الرفيعة المستوى والموسيقى المبتذلة بلا معنى. تعتمد هذه الموسيقى عادة على أنماط إيقاعية متكررة تخلو من تعقيدات اللغة والتطوير النغمي المرتبط بالموسيقى الحداثية المتأخرة لدى المؤلفين الموسيقيين خلال فترة الخمسينيات أمثال بوليز وهينزي وشتوكهاوزن. بالتأكيد رأى الكثيرون في المجال الموسيقي أن الموسيقى التبسيطية أتفه وأبسط من أن تؤخذ بجدية؛ فقد اعتمدت نماذجها الأولى اعتمادا كبيرا على التكرار الذي يأسر المستمع أو يحفزه على التأمل (لا سيما في أعمال رايش المتأثرة بموسيقى الزن البوذية)، وغالبا ما اتسمت عناصرها الرئيسية بالبساطة الشديدة وبالبعد عن الأصالة (إذ كانت تتبنى منهج التناص فحسب)، وتميزت بإيقاع ثابت، ورغم تعقدها الإيقاعي البالغ كانت على ما يبدو ينقصها الإحساس الشخصي.
لكن مقطوعات مثل «تطبيل» (1971) و«موسيقى لثمانية عشر موسيقيا» (1974-1976) لرايش، وأوبرا «نيكسون في الصين» (1987) لآدامز، ومقطوعته الأوركسترالية «هارمونيلير» (1985)؛ غيرت هذا. تعكس المقطوعة الأخيرة مثالا رائعا على المزج بين الأسلوب التبسيطي وشكلا ذا طابع ما بعد حداثي من أسلوب «العودة إلى الماضي». يتضح هذا المزج في الإشارة إلى فاجنر في الحركة الثانية من المقطوعة، التي تحمل عنوان «جرح أمفورتاس ». يتسم هذا الأسلوب بتعبير شعري يوظف نغمات من خارج السلم الموسيقي المستخدم في المقطوعة، يذكرنا بأسلوب شونبرج، ويتمتع بتأثير عاطفي هائل (تلك إحدى السمات المتعددة التي أدخلها آدامز على الموسيقى التبسيطية). بالتأكيد، تستطيع أعمال آدامز الموسيقية البدء من أسس بسيطة في جوهرها، ثم التطور إلى تكوينات ممتعة ذات تعقيد هائل تستغل الأساليب البلاغية التقليدية في الموسيقى - لا سيما أسلوبي الستريتو والتصاعد الموسيقي - من أجل إثارة حماس الجمهور. يطبق آدامز ذلك تطبيقا صارخا لا معقوليا في مقطوعته «موسيقى البيانولا العظيمة» (1981-1982)، التي تتضمن كل هذا المزيج غير المتعالي والمفتقر إلى الوعي الذاتي ما بين الموسيقى الرفيعة المستوى والموسيقى المبتذلة، الذي في وسع انتقائية ما بعد الحداثة الأسلوبية تحمله، لا سيما عندما يقدم في هذا العمل جزءا يطلق عليه اسم «اللحن»، وهو لحن مبتذل يدفعه مؤلفه أكثر فأكثر نحو ذروات من التصاعد الموسيقي الجانح المبالغ فيه. وفي الوقت نفسه، تتداخل في المقطوعة «بمرح جنوني» مجموعة من الصيغ الموسيقية المبتذلة التي لا تربطها أي علاقة ببعضها ك «المارشات المدوية، وألحان البيانو التتابعية البطولية (أربيجو) التي تحمل طابع بيتهوفن، والتآلفات الموسيقية الكنسية الصوفية.» يصف آدامز مقطوعته - كما اقتبس عنه روبرت شفارتس الذي أستشهد به هنا - قائلا:
अज्ञात पृष्ठ