وكرسي وقتك الغالي لنصرتها
تمسي عميدتنا في عدوة الوادي
وقد نقلت أمينة هذه التحيات التي تأثرت بها أنا كل التأثر، وضحكت هي لفكرة أنها يمكن أن تكون عميدة يوما من الأيام !»
ويرجو أحد الأساتذة ألا يكون ما ينفقه الطلبة من الوقت في هذه الرحلات معطلا لهم عن دراستهم، فيقول العميد: «إن طلبتنا شركاء في تراث الحضارة العربية الإسلامية، ولا بد لهم من أن يعرفوا مواطن هذا التراث، وأنا شخصيا يثير السفر عندي من العواطف والخواطر ما لا تثيره الإقامة، أنا في الخارج أفرغ للراحة أولا ثم للدرس والإنتاج بعد ذلك، وسوف أسافر في العطلة القادمة، وأرجو أن أعود إليكم بكتاب جديد إن شاء الله.»
ويدخل سكرتير الكلية يستأذن للسيدة أم كلثوم، جاءت لتخبر العميد أنها ستستجيب لطلبه إحياء ليلة تخصص إيراداتها للكلية، تتبرع بذلك راضية بل شاكرة، وهي التي يتحدث الناس بكراهيتها للإسراف، وضبطها للإنفاق، ولكنها معجبة بالعميد، متحمسة للشباب، والعميد معجب بها ومتحمس لفنها. •••
طه حسين يتفرغ في عطلة الصيف، كما كان يقول لزملائه، للراحة قليلا وللدرس والإنتاج أغلب الوقت، يعود إلى قراءة مؤلفات أبي العلاء ليتم كتابه الجديد عنه.
على أنه ليس مشغولا بأبي العلاء فحسب، إنه يكتب إلى لطفي السيد يتمنى لو تيسرت له الرحلة إلى فرنسا ليكون إلى جواره فترة من الزمان لا للاستجمام والراحة، بل لعمل سوف يجد فيه متعة تفوق متعة الاستجمام.
يقول طه حسين إن صورة النسخة المخطوطة من الترجمة العربية القديمة لكتاب «المنطق» تأليف أرسطو قد أخذت تصله شيئا فشيئا، ويقول: «وأخذت أحاول قراءتها، وهي محاولة شاقة جدا لغموض الخط في كثير من المواضع، وفساده في بعض المواضيع، ولكنها مع ذلك محاولة لذيذة حين أوفق إلى قراءة أرسطو في هذه الترجمة وألاحظ أنها في جملتها صحيحة، وأن المترجمين العرب كانوا يحرصون على الدقة في كثير من الأحيان حرصا يضطرهم إلى إكراه اللغة العربية على ما لا تحب، فهم مثلا لا يستعملون لفظ «القياس» وإنما يستعملون اللفظ اليوناني «سلوجوسموس»، يشتقون منه مصدرا رباعيا على سبيل المصدر العربي وهو «السلجسة»، ثم يشتقون فعلا ماضيا وهو «سلجس» ومضارعا وهو «يسلجس».»
ويرجو طه حسين أن «تنشر الجامعة صورة فوتوغرافية للمخطوطة كما هي، لتكون بين أيدي الباحثين، ثم توضع فصولها فصلا فصلا بين أيدي مدير الجامعة الفيلسوف ليقرأها ويتصفحها في أناة، وينشرها معلقا عليها.» ويقول العميد إنه سيكون سعيدا إن شارك المدير في هذا العمل.
ويتم طه حسين كتابه عن أبي العلاء ويختار له العنوان وهو «مع أبي العلاء في سجنه»، ويملي إهداء الكتاب وهو «إلى الذين لا يعملون ويؤذي نفوسهم أن يعمل الناس». •••
अज्ञात पृष्ठ