وأني شقي باللئام ولا أرى
شقيا بهم إلا كريم الشمائل
ثم يقول: «عند هذه الأبيات من شعر الطرماح بن حكيم انتهى بنا الدرس صباح الخميس الثالث من هذا الشهر، وقد استعدناها، واستجدناها، وكأنما كنا نحس أن صباح ذلك اليوم كان ينذرنا بما سيحمل إلينا من مساوئه ومن تلك المحنة الجامعية التي ذقناها، فبلونا منها الحلو والمر، ووجدنا منها الخير والشر، وعرفنا منها أن فينا، والحمد لله، نفوسا أبية، وأنوفا حمية، وقلوبا تعرف كيف تستقبل الخير وتحمل المكروه. نعم، وكأننا ونحن نستعيد هذه الأبيات ونستجيدها نتواصى بالخير والصبر، ويعاهد بعضنا بعضا على الوفاء والبر، ويقسم بعضنا لبعض لنكونن رجالا نعرف الكرامة ونقدرها ونضع أنفسنا حيث تريد لنا المروءة لا حيث تريد لنا المنفعة.
لقد افترقنا بعد الدرس هادئين باسمين، نفكر في الدرس الذي يليه، ثم لم نلتق بعد ذلك في درس ولا بحث، وإنما التقينا في حب ومودة، وفي نصح وتعزية، وفي عواطف كلها تميز الكرامة من اللئام.
أفيؤذن لي - وقد عاد الزملاء من الأساتذة والأصدقاء من الطلبة إلى ما كانوا فيه من درس وبحث واستقرت نفوسهم وعواطفهم بعض الشيء - أن أهدي إليهم جميعا تحية ملؤها الحب الصادق، والود المتين، والشكر الذي لا حد له؟ أفيؤذن لي بأن أشرك معهم في هذه التحية وهذا الشكر أصدقاءنا من طلاب الجامعة المتفرقين في أقطار أوروبا، أولئك الذين لم تكد تبلغهم أنباء هذه المحنة حتى أسرعوا فشاركونا فيها وأخذوا بحظهم منها؟
أفيؤذن لي أن أهدي أصدق التحية وأجمل الشكر إلى أولئك الذين تفضلوا بالغضب للجامعة ولنا والعطف على الجامعة وعلينا، من أعلام هذا البلد وقادة الرأي فيه؟ وأفيؤذن لي أن أشرك معهم هذه الصحف الكريمة التي آزرتنا وناصرتنا ولم تبخل علينا بتشجيع ولا تأييد؟
ثم أفيؤذن لي أن أخص الأستاذ الجليل أحمد لطفي السيد بك بتحية الابن البار والتلميذ المخلص والصديق الحميم؟
أما أنتم أيها الأصدقاء الأعزاء من طلاب الجامعة عامة وكلية الآداب خاصة، فأذنوا لي أن أقول لكم ما قاله النبي
صلى الله عليه وسلم
للأنصار في حديث جرى: «إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع»، فحيا الله هذا الثمر الكريم لهذا الغرس الكريم، ولكم على العهد أن أبذل ما أملك من قوة، وما أستطيع من جهد، لأكون عند ظنكم بي ورأيكم في.»
अज्ञात पृष्ठ