أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: ١٢]. . . .
إنَّ هذا الشَّرح كنزٌ مِن كنوز الدَّهرِ، ثقيلةٌ مؤنتهُ، خفيفةٌ حمولتهُ، وسطٌ بينَ الشُّروح، و"البَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطّعَامِ، فكُلُوا مِنْ حَافتَيْهِ". . .
وأمَّا مُحقق الكتابِ، فهو الشَّيخُ الأستاذ الدكتور، تَقيُّ الدِّين النَّدويّ، سَمعتُ به وعرفتهُ من خلالِ كُتُبهِ النَّافعةِ، قَدِمَ لمكة المُكَرَّمَةِ مُعتمرًا في شَهْرِ رَمَضَان المبارك، فاتصل بني رَاغبًا مُخاطبًا. . . فطرتُ كأني قانص طيرٍ، فلمَّا رأيتُه وقع في قلبي "طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ". . . واستضفتُهُ في دَارِنا فجلسنا وتحدثنا، فرأيتُ رجلًا مُتقدِّمًا بالسِّنِّ والفضلِ، وصِناعَةِ الحديثِ، عَيْنًا من عيون الهندِ، تاريخهُ تاريخ العلماء ورواةِ الآثار. . . فقلتُ: النَّاس سابق أو مسبوقٌ، وأنا أرتقب الفرصة لألج بابَها، فطلبتُ منه الإجازة في الحديث عن شيوخه، فلم يبخل بجوابهِ، ومدَّ يدهُ الكريمة فأخذَ القَلمَ وجَمع الكَلم، وما جف المداد حتَّى نلتُ المراد البعيد. . .
نَعم سُررت، فقد أجازني بمروياته قبلهُ شيخنا العلامة أبو الحسن النَّدويّ رحمه اللَّه تعالى، فكان العهد المعقودُ بالإجازة والسَّماعِ للأسانيد الهنديَّةِ، نسأل اللَّه تعالى أن نكون ممن نستحق أن يُسند إلينا باللِّقاءِ والإجازة. . .
إنَّ تحقيق ونشر كُتُب التُّراث على مشقته قد غَلبَ على قلبِ الشَّيخ النَّدويّ، وزيَّنَ عقلهُ، فهو يتقلُبُ فيه، ويمشي مَعهُ، ولا عجب في ذلكَ فقد نشأ الشَّيخ وترعرع وهو يكتب الحديثَ ويسعى فيه ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ١٨]. . .
لقد اعتنى الشَّيخُ يحفظه اللَّه تعالى في تحقيق كتاب (لمعات التَّنقيح في شرح
1 / 18