लुघज़ सिश्तार
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
शैलियों
15
ويقدم لنا المجتمع الإسبارطي في مطلع عهده صورة عن استمرار «حق الأم» في فجر الحضارة اليونانية. فالمرأة الإسبارطية لم تكن مطالبة بالحفاظ على عذريتها قبل الزواج، وكان الأطفال المولودون خارج مؤسسة الزواج يدعون بأطفال «الميلاد العذري»، ويتمتعون بالوضعية الاجتماعية نفسها التي يتمتع بها الأطفال الآخرون. وكانت نساء إسبارطة في مطلع عهدها كما يروي «بلوتارخ»، يعلون على رجالها في كل المجالات العامة والخاصة. أما في المستوطنات الإغريقية التي استقر بها الإغريق خارج موطنهم في وقت مبكر، فإن حق الأم هناك لم يتأثر كثيرا بالتبدلات الحاصلة في الوطن الأصلي، واستمر الأولاد ينتسبون لأمهاتهم، وبقيت المرأة حرة في حياتها الجنسية وفي اختيار زوجها وتركه أنى شاءت.
16
وفي بابل وفينيقيا لم يستطع الرجل وحتى فترات متأخرة من تاريخ المجتمع الذكري هنا، أن يضع تحت وصايته حياة المرأة الجنسية قبل الزواج؛ فكانت بكارة المرأة ملكا للإلهة عشتار، لا لزوجها المقبل. وكانت تهب عذريتها في المعبد، حيث تمارس الجنس المقدس تحت رعاية الإلهة قبل أن تلتزم حياة الزوجية.
17
وفي أوروبا عند الفتح الروماني الذي ساعد على ترسيخ القيم الذكرية، كانت آثار القيم الأمومية باقية هناك. فعند السلت الذين ازدهرت حضارتهم في أيرلندا وبعض أجزاء الجزر البريطانية والبر الأوروبي، كانت المرأة سيدة نفسها تختار زوجها وتترك مؤسسة الزواج أنى شاءت، وكذلك الأمر في بلاد الغال، فإذا أرادت المرأة الغالية الزواج دعت جميع الشبان الراغبين فيها إلى مأدبة عامرة، فإذا أكل الجميع وشربوا قامت بتقديم كأس من الشراب لمن وقع عليه اختيارها.
18
ليست هذه الأمثلة إلا غيضا من فيض. فعند جذور الحضارات جميعا، من اليابان شرقا، وحتى مجتمعات الهنود الحمر غربا، عثر الباحثون على الأساسات الأمومية التي قامت عليها المجتمعات الذكرية الحديثة. وفي الحقيقة فإن فهم الثقافة الأمومية بقيمها ومبادئها وحق الأم السائد فيها، هو نقطة الانطلاق لفهم الإلهة الأم التي كانت بالنسبة لإنسان تلك العصور الإلهة الأولى وربما الوحيدة.
الأم الكبرى
كانت تماثيل عشتار أول عمل فني تشكيلي صاغه الإنسان على شاكلته، مجسدة أول معبوداته. فمنذ أن اعتدل جسد الإنسان منسلخا عن شكله النياندارتالي ذي القامة المنحنية، كانت عشتار - الأم الكبرى له إلها، وطفق يصنع لها تماثيل انتشرت من أقاصي سيبيريا إلى شواطئ المحيط الأطلسي. لم تكن تلك الأعمال الفنية نتاج ولع فني جمالي بمقدار ما كانت نتاج حس ديني، وخبرة أولى مع الحضور الإلهي؛ ذلك أن الأسلوب الذي صنعت به، والمعتمد على تحوير فني مبالغ فيه، يجعلها أبعد ما تكون عن تصوير شخصيات واقعية تنتمي للأجناس التي ظهرت بينها. فهي، كما اتفق الدارسون من شتى الاختصاصات، رموز لكائنات فوق طبيعية كانت محل عبادة الإنسان الأول.
अज्ञात पृष्ठ