लुघज़ सिश्तार
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
शैलियों
19
مثل هذه الطقوس الجنسية ما زال قائما لدى كثير من الثقافات البدائية الحديثة. ففي بعض الجزر الواقعة غربي غينيا الجديدة وأجزاء من شمال أستراليا، يعتقد الأهالي بأن إله الشمس المذكر يهبط من عليائه مرة في كل سنة ليحضن إلهة الأرض المؤنثة، وذلك قبل بدء موسم الأمطار، فيجتمعون رجالا ونساء تحت شجرة التين؛ حيث يعتقدون أن الجماع الإلهي يتم هناك، ويمارسون الجنس الجماعي الذي من شأنه حث الطبيعة على إطلاق خيراتها الكامنة، فيهطل المطر وتنبت الأرض وتتكاثر الماشية وتخصب أرحام النساء. ويجري الطقس في جو ديني رصين لا يوحي برغبة المشاركين في إرضاء نوازعهم الجنسية الفردية.
20
استمرت طقوس الجنس الجماعي قائمة بعد انتشار المسيحية في الشرق الأدنى والعالم الهيليني تحت أشكال مختلفة ومضامين متنوعة. وقد وصلتنا تفاصيل عن هذه الطقوس لا يمكن الركون إليها تماما؛ لأن ناقليها قدموها دفاعا عن العقيدة المسيحية وتسفيها للمذاهب المنافسة التي نازعتها السيادة فترة طويلة قبل أن تندحر أمامها. يروي القديس أبيفانيوس ما شاهده بأم عينه من طقوس إحدى فرق المسيحية الغنوصية السورية، عندما انتمى إليها وهو شاب خلال تقلبه بين العقائد السائدة في زمانه بحثا عن الحقيقة، قبل تحوله للعقيدة القويمة؛ فقد زين له تلك الفرقة عدد من النساء الفائقات الفتنة والجمال، اللواتي اكتشف فيما بعد أنهن لسن إلا أداة في يد الشيطان. يجتمع أفراد هذه الفرقة رجالا ونساء في مكان معين فيصافحون بعضهم بعضا بطريقة خاصة يتعارفون بها؛ لاكتشاف أي غريب أو فضولي لا علاقة له بالمذهب. فإذا اطمأنوا بسطوا مائدة عارمة باللحوم والخمور فأكلوا وشربوا، ثم قاموا فافترق الأزواج عن زوجاتهم، وقال كل رجل لامرأته: هيا إلى مأدبة الحب مع أحد إخوانك. ثم يختلط الحابل بالنابل ويتضاجع الرجال والنساء، فإذا انتهوا أخذوا ما يسكبه الرجال خارج أرحام النساء في أيدهم وتظاهروا برميه من أكفهم وراء ظهورهم في حركة ابتهالية توحي بنكران المتعة الشخصية، ثم لا يتورعون عن رفع أيديهم النجسة بالصلاة إلى الإله الأب مبدأ الأشياء، مقدمين له ما في أكفهم قائلين: لك نقدم هذا القربان الذي هو عين جسد المسيح، ثم يضعونه في أفواههم، ويفعلون الشيء نفسه بدم النساء الحائضات قائلين إنه دم المسيح، وذلك تفسير خاص منهم لما ورد في (سفر رؤيا يوحنا الإصحاح 2: 22) «وأراني نهرا صافيا من ماء حياة، لامعا كبلور خارجا من عرش الله. وعلى النهر هنا وهناك شجرة حياة تضع اثنتي عشرة ثمرة، وتعطي كل شهر ثمرها وورق الشجر لشفاء الأمم.» وهم إذ يمنعون بذورهم عن الأرحام إنما يتفادون إنجاب الأطفال، مكرسين فسقهم لإرضاء شبقهم.
21
وفي أوروبا المسيحية استمرت طقوس الجنس الجماعي إلى مطلع العصور الحديثة، من خلال عبادة سرية لا نعرف عنها شيئا حتى الآن، كانت تعرف في العصور الوسطى بعبادة الشيطان، التي انتشرت محافلها السرية في طول أوروبا وعرضها. وكان عباد الشيطان يجتمعون في ليالي القمر الكامل ويمارسون الجنس الجماعي.
22
ولكن محاكم التفتيش المسيحية كانت لهم بالمرصاد، وكانت تلاحق وتحرك كاهنات هذه العبادات بتهمة ممارسة السحر، فهل كان أتباع هذه الديانة المجهولة يعبدون الشيطان فعلا، أم أن ديانتهم كانت استمرارا لمعتقدات الخصب القديمة؟ إن الشيطان في الكتابات والأعمال الفنية المسيحية يبدو على هيئة إنسان مكسو بشعر الماعز، له ساقا تيس وقرنان صغيران وأذنان مدببتان. هذه الملامح العامة للشيطان المسيحي هي ذاتها ملامح الإله «بان » وفصيلة الآلهة الثانوية المعروفة باسم الساتيرز. كان الساتيرز في الميثولوجيا الإغريقية أشبه بجن الغابات يمثلون الروح البدائية للأحراش والجبال، وكانوا يحبون الطرب والرقص والموسيقى وحياة العبث واللهو، يقضون أوقاتهم في مطاردة وإغواء الحوريات، كما كانوا من أتباع الإله ديونيسيوس، يرافقونه ويلعبون دورا في طقوس الجنس الجماعي أثناء الاحتفالات الديونيسيوسية. وتروي الأساطير أن أكبرهم وحكيمهم «سيلينيوس» كان مرشدا لديونيسيوس ومعلما له.
23
أما الإله «بان» فكان ابنا لهرمس من إحدى الحوريات، وكان إلها للطبيعة البرية والأحراش والرعاة، كما كان من آلهة الموسيقى، وهو الذي ابتكر مزمار الرعاة المعروف حتى اليوم باسم بان-فلوت. وقد تغلب في إحدى المباريات الموسيقية على أبولو إله الموسيقى الأول. تجعله الأساطير أبا للساتير سيلينيوس معلم ديونيسيوس.
अज्ञात पृष्ठ