ومن ذلك قول الآخر: «الطاعنات بالأحداق.» يصف نساء بفتنة النظر، فما زاد على أن جعل أحد أحداقهن رماحا، وهو أغرب ما سمع من ضروب التشبيه.
وقوله: «لم يوشك أن حل هذا المحل حتى سعى لينال هذه الزيادة.» يريد لم يلبث بعد أن حل أو لم يوشك أن يحل؛ لأن خبر أوشك لا يكون إلا فعلا مضارعا، فعدل عن وجه الكلام إلى هذا التركيب الغريب.
وقوله: «عقدوا خناصرهم على هذا الأمر.» أي: عقدوا عزائمهم عليه. وليس هذا التعبير في شيء من هذا المعنى، إنما يقال: عقد خنصره على كذا؛ أي: أشار إلى تفرده في نوعه أو إلى أنه الأول بين أمثاله. وهو مأخوذ من العقد بالأصابع للدلالة على العدد. وقد تقدم لنا شرح ذلك مفصلا في الجزء الثاني من مجلة البيان (صفحة 88 وما يليها).
وآية الغرابة في ذلك كله قول القائل: «فقد يحصل أن يكون ذيل المحصول في هذا العام غليظا.» أي: أن تكون الغلال وافرة، فلينظر المطالع هل رأى في زمانه أغلظ من هذا الذيل!
ومن أمثلة الضرب الثاني قول القائل: «سأل شوره في هذا الأمر.» أي: مشورته، وهو من ألفاظ العامة؛ لأنهم يقولون: شار عليه بكذا، وأنا لا أشور عليك بهذا الأمر.
وقول الآخر: «سهي الشيء عن باله.» وهو من التعبيرات العامية أيضا، وفيه غلطتان؛ إحداهما إخراج سها إلى باب علم، وصوابه من باب نصر، والثانية إسناده إلى الشيء، وإنما يقال: سهوت عن الشيء، ولا يقال: سها الشيء عني.
وقول الآخر: «أرجو إليه أن يفعل كذا.» أي: أرغب إليه، والصواب أرجو منه. على أن الرجاء بمعنى الأمل، واستعماله بمعنى الرغبة عامي.
ومن ذلك قول الآخر: «الذين لا ذمة لهم ولا ذمام.» فظن الذمة شيئا والذمام شيئا آخر، وهما على الحقيقة شيء واحد. قال في لسان العرب: وفي الحديث ذكر الذمة والذمام، وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق. ا.ه.
وقوله: «هوم عليه بالحسام.» يريد هول عليه به؛ أي: خوفه. وشتان بين التهويم والتهويل.
وقول الآخر: «يحمو ويحترق.» أي: يحمي، وكأنه بناه على الحمو مصر حمى، وهو من المصادر النادرة.
अज्ञात पृष्ठ