लब्ब तारीख उम्म
لب التاريخ العام فيما صدر من غابر الأعوام
शैलियों
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل التاريخ نبراسا تستضيء به الأمم، ومعيارا تزن به الأفكار السليمة بضائع الحكم. والصلاة والسلام على أشرف مرسل بكتاب كشف عن مخدرات الغابرين نقابها، وألبس الوقائع التي أخبر عنها من الخبر اليقين جلبابها، وعلى آله البدور الطوالع، وأصحابه البازغين في أسعد المطالع.
أما بعد، فإن التاريخ مرشد الصواب، ومرآة تجلو مخبآت الأمم في أجلى صورة. وهاد لمن ضل عن منهاج الرشد إلى بحبوحة الحق، وأحسنه ما كان باحثا عن الأحوال العامة، التي لا تخلو من فوائد يتحلى بها المرء، وينتشل من غواية الضلال؛ حيث يكون محيطا بأحوال سكان الكرة بما كانوا عليه حين جمعتهم جامعة الطبيعة. هذا وقد ظفرت يدي بكتاب في هذا الموضوع، واف بالمقصود، بيد أنه باللغة الفرنساوية، فكان قاصر الفائدة عن أهل الوطن الذين لا يفقه منهم هذه اللغة إلا القليل، فهزتني أريحية الغيرة، وحرضني حب الوطن وأهليه على أن أبرزه من خدر اللغة الفرنساوية إلى مدارج اللغة الشريفة العربية؛ ليسهل تناوله على من رامه، وسميته «لب التاريخ العام، فيما صدر من غابر الأعوام»، والمرجو منه تعالى خير توفيق لأقوم شرعة وأحسن طريق.
تاريخ مصر القديم
الشعب المصري: وقتما كانت الأوروباويون منذ خمسة آلاف سنة في الحضيض الأسفل من الهمجية والتوحش؛ لا يعرفون للتمدن لفظا ولا للإنسانية اسما، يسكنون الوهاد والمغارات والأكواخ، ويكتسون من جلود الحيوانات، ويعيشون من الصيد، لا يدرون ما هي الزراعة ولا الصناعة؛ كانت - إذ ذاك - سكان مصر متمدنة، تشيد المدن، وتسكن أعالي القصور، وتبني القناطر والجسور، وتتحلى بالحلي، وتفلح الأراضي، مذعنة لشرائع مسنونة ، وقوانين مخصوصة، ومجتمعة تحت جامعية الوطن.
مصر: هي بلد طيب هواؤها، معتدلة منطقتها، لا يرون فيها المطر إلا قليلا، ونيلها السعيد الذي يخترقها يفيض عليها بفيضه العميم، فيهديها خصوبته، ويسدل عليها بساط الخضرة، ويصيرها نضرة كجنات النعيم، ومزدهرة بما فيها من القطوف الدانية والمناظر الزاهية.
وفيضان النيل آت من ذوبان الثلوج التي على قمم الجبال، فيبتدئ النيل زيادة في شهر أبيب، ثم يعم على الأراضي من بعد هذا الشهر، فيمكث عليها مدة ثلاثة شهور، حتى إن بعض القرى المرتفعة تصير في هذا الحين كجزائر محاطة بالمياه من جميع الجهات.
الفراعنة: كانت الملوك التي تحكم على مصر قديما تسمى فراعنة، وكان الفرعون منهم يعيش في قصره جالسا على أريكة ملكه، وكان يسمى ولد الشمس؛ ولذا كانوا يعبدونه كإله، وحين يموت الواحد منهم يشيدون له معابد، ويقدمون له قربانا، وكانت الفراعنة منقسمة إلى ست وعشرين عائلة، وكانت مدة حكمهم تزيد عن ألفين وخمسمائة سنة، وكان مركز ملوك الاثنتي عشرة عائلة الأول مدينة «منفيس» القريبة من المكان الذي فيه القاهرة الآن، وأما بقية العائلات فكان مركزهم في طيبة بالوجه القبلي، وآثارهم لم تزل موجودة تدل عليهم في هاتيك المحلات، والناس يأتون إليها الآن أفواجا أفواجا؛ ليروا من بديع صنعهم ما تندهش له العقول.
الحروب: كانت الفراعنة تحكم على جنود، سلاحها الرماح والقسي، وكانوا يقاتلون وهم على عربات حربية، وكانوا يشنون الغارة دائما على عبيد أفريقيا والسوريين، ومن كان يقع في أيديهم أسيرا كانوا يأتون به، والأغلال في عنقه، مكبا على وجهه، ويشغلونه في أبنيتهم وآثارهم. وأشهر هذه الملوك هو «رعمسيس» الثاني الذي كان من العائلة الثانية عشرة المسمى «سيزوستزيس»، وكانت مدة حياته قبل المسيح بألف وأربعمائة سنة.
قبور الفراعنة: كان يزعم قدماء المصريين أنه حين يموت الشخص منهم تطير روحه، وتحوم حوله، ولكن لا بد في يوم ما أن ترجع إلى جسده، وتدخل فيه؛ ولذلك أوجدوا طريقة لحفظ الجسد، فكانوا يصبرونه ويضعونه في قماش ويربطونه بعصابات، ويودعونه في تابوت على شكل الإنسان تقريبا ، وهذا ما يعبر عنه «بالموميا»، ثم يشيدون له قبرا شبيها بمنزل تحت الأرض، مهيأ للميت بأن يضعوا فيه سريرا وموائد وملابس وحليا وأطعمة؛ ظنا أنه سيجيء ويستعمل هذه الأشياء. وكثيرا ما عثروا على قبور مثل هذه - ولم يزالوا يعثرون عليها - ويجدون فيها «موميات» مختلفة أنواعها.
अज्ञात पृष्ठ