लुबाब फि उलूम किताब
اللباب في علوم الكتاب
مثاله: أن يصير بحيث لو أمر بذبح ولده، لأطاع؛ كما فعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولو أمر بأن ينقاد، لأن يذبحه غيره، لأطاع؛ كما فعله إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ولو أمر بان يلقي نفسه في البحر، لأطاع؛ كما فعله يونس عليه الصلاة والسلام، ولو أمر بأن يتلمذ لمن هو أعلم منه بعد بلوغه في المنصب إلى أعلى الغايات، لأطاع؛ كما فعله موسى - عليه الصلاة والسلام - مع الخضر [عليه الصلاة والسلام]، ولو أمر بأن يصبر في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على القتل، والتفريق بنصفين، لأطاع؛ كما فعله يحيى بن زكريا - عليهما الصلاة والسلام - فالمراد بقوله تعالى { اهدنا الصراط المستقيم } ، هو الاقتداء بأنبياء الله في الصبر على الشدائد، والثبات عند نزول البلاء، ولا شك أن هذا مقام شديد؛ لأن أكثر الخلق لا طاقة لهم به.
واعلم أن صيغة " افعل " ترد لمعان كثيرة ذكرها الأصوليون.
وقال بعضهم: إن وردت صيغة " افعل " من الأعلى للأدنى، قيل فيها: أمر، وبالعكس دعاء، ومن المساوي التماس، وفاعله مستتر وجوبا، لما مر، أي: اهد أنت، و " نا " مفعول أول، وهو ضمير متصل يكون للمتكلم مع غيره، أو المعظم نفسه، ويستعمل في موضع: الرفع، والنصب، والجر، بلفظ واحد؛ نحو: " قمنا " ، و " ضربنا زيد " ، و " مر بنا " ، ولا يشاركه في هذه الخصوصية غيره من الضمائر.
وقد زعم بعض الناس أن الياء كذلك؛ تقول: " أكرمني " ، و " مر بي " ، و " أنت تقومين يا هند " ، و " الياء " في المثال الأول منصوبة المحل، وفي الثاني مجرورته، وفي الثالث مرفوعته، وهذا ليس بشيء؛ لأن الياء في حالة الرفع، ليست تلك الياء التي في حالة النصب والجر؛ لأن الأولى للمتكلم، وهذه للمخاطبة المؤنثة.
وقيل: بل يشاركه لفظ هم؛ تقول: " هم نائمون " و " ضربتهم " و " مررت بهم " ، ف " هم " مرفوع المحل، ومنصوبه، ومجروره بلفظ واحد، وهو للغائبين في كل حال، وهذا وإن كان أقرب من الأول، إلا أنه في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي حالة النصب والجر ضمير متصل.
فافترقا، بخلاف " نا " فإن معناها لا يختلف، وهي ضمير متصل في الأحوال الثلاثة.
و " الصراط " مفعول ثان، و " المستقيم " صفته، وقد تبعه في الأربعة من العشرة المذكورة.
وأصل " هدى " أن يتعدى إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بحرف الجر، وهو إما: " إلى " أو " اللام "؛ كقوله تعالى:
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
[الشورى: 52]،
अज्ञात पृष्ठ