الاسكندرية، وهى «أبو الفوارس» والكنية الأولى أشهر، ولم أجد ما يؤيد الأخريين. ويلقب «مؤيد الدولة مجد الدين» .
ونشأ أسامة فى كنف أبويه وعمه وجدته، وفى وسط أسرة من أعظم الأسر العربية، أكثر رجالها فرسان محاربون من الطبقة الأولى، وبعد ولادته بنحو سنتين بدأت الحروب الصليبية فى بلاد الشام سنة ٤٩٠، ورباه أبوه على الشجاعة والفتوة والرجولة، ومرّنه على الفروسية والقتال، وكان يخرجه معه إلى الصيد، ويدفع به بين لهوات الأسود. فأخرج منه فارسا كاملا، وسياسيا ماهرا، ورجلا ثابتا كالرواسى، لا تزعزعه الأعاصير، ولا تهوله النكبات والرزايا. فهو يقول عن نفسه بعد أن جاوز التسعين، إذ يحكي بعض ما لقي من الأهوال:
«فهذه نكبات تزعزع الجبال، وتفني الأموال، والله سبحانه يعوّض برحمته، ويختم بلطفه ومغفرته. وتلك وقعات كبار شاهدتها، مضافة إلى نكبات نكبتها، سلمت فيها النفس لتوقيت الآجال، وأجحفت بهلاك المال» (الاعتبار ص ٣٥) .
ويقول أيضا: «فلا يظنّ ظانّ أن الموت يقدمه ركوب الخطر، ولا يؤخره شدة الحذر، ففى بقائي أوضح معتبر، فكم لقيت من الأهوال، وتقحّمت المخاوف والأخطار، ولاقيت الفرسان، وقتلت الأسود، وضربت بالسيوف، وطعنت بالرماح، وجرحت بالسهام والجروخ «١» - وأنا من الأجل فى حصن حصين- إلى أن بلغت تمام التسعين ... فأنا كما قلت:
مع الثمانين عاث الدّهر فى جلدي ... وساءنى ضعف رجلى واضطراب يدي
اذا كتبت فخطّي جدّ مضطرب ... كخطّ مرتعش الكفّين مرتعد
فاعجب لضعف يدي عن حملها قلما ... من بعد حطم القنا فى لبّة الأسد
المقدمة / 20