حين أهل عباس على الجلسة في ليلته تلك خالجت نفسه ومضة من هدوء ما لبثت أن زالت: أأكون قد جئت اليوم لأنني مخذول بحريتي فشلت أن أواجه بها الحياة؟ ثم سرعان ما نفى عن ذهنه هذه الخاطرة. قلنا سأتزوجها، أي فشل إذن وأي خذلان؟ وأقبل على الجلسة، ورحب به الأصدقاء الخصوم في إقبال سكارى. وندت عنه ابتسامة ذهلوا عنها فما أبصروها . وقال شعبان في مرح: المباراة الليلة في أروع حالاتها، لا بد أن تشرب كأسا.
ودهش عباس قائلا: أشرب؟! أنت تعرف أنني لا أشرب. - نعم أعرف ولكن ما البأس أن تجرب؟ - ولماذا أجرب؟ - لتنال حريتك ... آه نسيت ... أنت عندك حريتك. ألا تريد حرية أخرى جديدة؟ ... لا بأس بكثرة الحريات فيما أعلم. - أنت سكران. - لا ... أنا منسجم ... من الشجار لا من الخمر ... الشجار حياة ... وأنا أحب الحياة ... أتشرب كأسا؟
وصمت عباس هنيهة، ثم قال: أشرب.
وضحك شعبان: يبدو أن حريتك تريد أن تتركك.
وذعر عباس كأنما مسته جمرة،ث أحس كأن شعبان قد لمس بجملته الهازلة مكمن الصراع في نفسه، وكمن يخاف الحق قال في غضب: هل جننت؟
وضحك شعبان هازلا وقال: لا تخف ... الله ... آه أنت لا تريدني أن أدعو لك فأنت لا تؤمن بالدعاء ... إذن فقل لي كيف أرجو لك الخير؟ ... أسأل من إذا شئت أن أتمنى لك دوام الحرية؟
وقال عباس: هل انتهى الخلاف بين إخواننا وأصبحت لا تجد غيري؟
وقال شعبان: لا ... لا ... أبدا ... يالمبو ... هات كأسا ... اشرب واسمع ولن أكلمك ... أنت حر ...
ودون وعي قال عباس: طبعا حر.
والتفت شعبان إلى إلهام الزيني وقال: هيه يا إلهام ... ألا تريد أن تدعو محمد حسن ليلقي شعره في النادي؟ - شعره! ... أي شعر هذا؟ ... ما رأيت له عمري قصيدة في مجلة أو حتى قصيدة مطبوعة ولو في نشرة.
अज्ञात पृष्ठ