وقالت وهيبة وهي مطرقة ما تزال: ماذا؟ ماذا يا لطفي؟ ألا يكفي هذا؟ - لا، لا يكفي أبدا، بل إن عليك واجبات مهمة جدا.
ورفعت وهيبة إليه رأسها في دهشة وسألته: واجبات؟! - نعم، فأنت الأن كبيرة ... وقد ... وقد ... - ماذا؟
وحينئذ جاء النداء من ليلى فلم يستطع إلا أن يهمس: سأكلمك ثانية فيما يجب عليك. - هيا ندخل لهما.
وقبل أن يدخلا كانت ليلى قد خرجت وصحبت أخاها إلى الخارج.
الفصل الحادي عشر
أحست إيفون أنها غريبة في بيت أبيها. كان حنانه وعطف أمها المشوب بالشدة، كما هما لم يتغير منهما شيء، ولكنها مع ذلك كانت تحس أنها غريبة. كان هذا الشعور يطالعها من داخلها هي، ليس لشيء مما يعاملها به أبوها أو أمها أي صلة به، إنها غريبة؛ أفكارها لا تنسجم وحياتها اليومية، آمالها بعيدة غاية البعد عن الآمال التي يرسمها لها أبوها أو تحلم بها أمها. غريبة هي في بيتها لا تدري لماذا؟ أهو هذا الذي حدث بينها وبين عباس؟ ولكنه السر الذي لم يعرفه أحد.
ولكني أنا أعرفه، أعرفه، وما الجديد فيه؟ ألم يكن العهد بيننا على الزواج، وقد تم الزواج؟ أهو قد تم؟ لا، لا، لم يتم؛ فأين زوجي إذن إن كان الزواج قد تم؟ أين عباس؟ هناك في بيته.
كانت تحس أن هذا السر الذي تخفيه هو الذي يجعلها غريبة. شتى من المشاعر، وألوان من المخاوف، ونيران من الحسرة تراوحها نسمات من الطمأنينة. تذكر مستقبلها إذا خذلها عباس فتراه أسود داكنا تطل منه المخاوف ويملؤه الرعب، ثم تذكر وجه عباس الصافي الأمين فتنفي عن قلبها الخوف ولا تذكر غير السعادة. أيقبل أبوها وأمها؟ وما لها هي؟ إنها ستتزوجه قبلا هذا أم لم يقبلاه.
فما مصيرها إذا هو لم يرد الزواج بها؟ وتنهدم الآمال وتطل عليها المخاوف مرة أخرى، فلا تجد وسيلة إلا أن تذكر وجه عباس الصافي الأمين؛ فتعود إليها الطمأنينة وانية كأنها طيف حذر يتلفت قبل أن يقدم، يستوثق دون خطاه.
وقد ترى أمها ما يلم بابنتها من قلق، ويداخلها ما يداخل أما تحب ابنتها فتسألها: ما لك؟
अज्ञात पृष्ठ