ومنه ما كان ينزل بحسب أحوال الناس، إذا مالوا إلى شدة الرجاء نزلت آية مخوّفة، وإذا مالوا إلى شدة الخوف نزلت آية مبشّرة.
وعلى حسب هذا كان تعليم النبي ﵌، وجرى عليه حكماء العلماء.
فقد ورد حديث في أنّ امرأة دخلت النار في جزاء هرَّة (^١)، وجاء حديث في أن بغيًّا من بغايا بني إسرائيل غُفِرَ لها في كلب سقته (^٢).
فكان الزهريّ إذا روى أحد هذين الحديثين روى الآخر معه (^٣).
وكان أمير المؤمنين علي ﵇ في محاربته لأهل الشام والخوارج يُظهِر مساوئهم، فلما سمع بعضَ أصحابه يظن كفرَهم نفى عنهم الكفر والنفاق، وقال: "إخواننا بغوا علينا" (^٤).
ولما خرجت أم المؤمنين عائشة ﵂ إلى البصرة، كان علي وأصحابه يسكتون عن الثناء عليها، فلما خشي عمار ــ وكان من أصحاب
(^١) أخرجه البخاري (٢٣٦٥)، ومسلم (٢٢٤٢) من حديث ابن عمر. وأخرجه مسلم (٢٢٤٣) من حديث أبي هريرة أيضًا.
(^٢) أخرجه البخاري (٣٣٢١) ومسلم (٢٢٤٥) من حديث أبي هريرة.
(^٣) الحديثان اللذان رواهما الزهري معًا هما حديث "دخلت امرأة النار في هرَّة" وحديث الرجل الذي أمر نبيه أن يحرقوه إذا مات ويذروه في الريح. ثم قال الزهري: "ذلك أن لا يتَّكل رجلٌ، ولا ييأس رجل". أخرجه أحمد (٧٦٤٧ - ٧٦٤٨) ومسلم (٢٧٥٦).
(^٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٩٣٨) من قول علي في الخوارج بإسناد صحيح. وأخرجه (٣٨٧٥٩) من قوله في أهل الجمل بإسناد مُرسل.