جاء في (روح المعاني): "وعبر عن الإنفاق بالإهلاك إظهارًا لعدم الاكتراث، وأنه لم يفعل ذلك رجاء نفع فكأنه جعل المال الكثير ضائعًا.
وجاء في (التبيان): "ثم أنكر سبحانه على الإنسان قوله: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا﴾ وهو الكثير الذي يلبد بعضه فوق بعض، فافتخر هذا الإنسان بإهلاكه وإنفاقه في غير وجهه، إذ لو أنفقه في وجوهه التي أُمِرَ بإنفاقه فيها ووضعه مواضعه لم يكن ذلك إهلاكًا له بل تَقرُّبًا به إلى الله وتوصلًا به إلى رضاه وثوابه وذلك ليس بإهلاكٍ له. فأنكر سبحانه افتخاره وتبجحه بإنفاق المال في شهواته وأغراضه التي إنفاقه بها إهلاك له".
فانظر أي اختيار هذا. ثم انظر أَيَحْسُنُ (أنفقتُ) مكان ﴿أَهْلَكْتُ﴾ ههنا؟
واختيار (اللبد) في الآية مكان (الكثير) اختيارٌ دقيق ذلك أن اللبد معناه الكثير المجتمع من تلبد الشيء إذا اجتمع.
جاء في (الكشاف): "لبدًا قرىء بالضم والكسر جمع لُبدة ولِبدة، وهو ما تَلبَّدَ يريد الكثرة".
وهو متناسب مع اجتماع الكفرة لإيذاء الرسول والمسلمين لصدِّهم عن دعوتهم كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ [الجن: ١٩] . فاجتماعُ المال في الإهلاك مناسب لاجتماع الكفرة على الرسول لإهلاكه، وإهلاك دعوته وهو حِلٌّ بهذا البلد.
فانظر حُسْنَ هذا الاختيار وعُلُوَّ هذا التعبير.