मुसलमान क्यों पिछड़ गए? और दूसरे क्यों आगे निकल गए?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
शैलियों
ولكن هذا قد صار حقيقة كلية، وقضية واقعية في وقت قصير، وما أوجده إلا همة عالية، وعزمة صادقة، وإيمان بالله، وثقة بالنفس، وعلم بأن الله تعالى مؤيد من أيده، ناصر من نصره، يحث على العمل ويكافئ العامل، ويكره اليأس، ويقول لعباده:
ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون .
2
وقد سرت بشرى الأمان الذي شمل البلاد المقدسة الحجازية فعمت أقطار الإسلام، وأثلجت صدور أبنائه، وارتفعت عن الحجاز تلك المعرة التي طالما وجم لها المسلمون؛ وذلك بقوة إرادة الملك عبد العزيز بن سعود، والتزامه حدود الشرع، ولكن ليس هذا كل شيء وقد بقيت حاجات في الصدور؛ فلم يزل يعوز الحجاز وسائل كثيرة للراحة والهناء من قبيل الإصلاحات المادية العمرانية التي يتوق إليها الحجاج ولا يجدونها، وهي إصلاحات عصرية لا طاقة للحجاز بها مع قلة الوارد إلى بيت المال، وازدياد الخرج على الدخل، وأيضا مع استئثار أكثر بلاد المسلمين بأوقاف الحرمين الشريفين، وعدم استعمالها فيما وقفت عليه.
وقد كان يتحتم على العالم الإسلامي أن يشاطر منذ زمن طويل في إزاحة هذه العلل المادية التي يعتذر الحجاز بحق عن أن يقوم بها وحده؛ لا سيما أن الحرمين الشريفين ليسا للعرب وحدهم؛ بل لجميع المسلمين.
فلم تزل هذه المسألة موضوع الأماني ومتجه الآمال، والناس ينتظرون فيها الابتداء بعمل من الأعمال، إلى أن عقدت مصر عزيمتها على هذا الأمر الذي تعتبر مصر جد أمينة بأن تطلع به، وبأن تكون فيه السباقة والقدوة لغيرها.
ولم يطلق على مصر لقب «كنانة الله في أرضه» عبثا؛ بل هي من قديم الدهر موئل الحجاز وانبار المسنتين من أهله، وحسبك ما قامت به مصر عام الرمادة من ميرة الحجاز بطلب سيدنا عمر إلى سيدنا عمرو - رضي الله عنهما - ومن بعد ذلك لم تشتد بأهل الحرمين لأواء، ولا عضتهم مسغبة بنابها إلا أسرعت إليهم مصر بالإغاثة وتفريج الكربة، لم تتخلف مصر عن هذا الواجب في وقت من الأوقات، وفي هذه الأيام عندما اشتد الشعور بوجوب إصلاح الحجاز من الناحية العمرانية بعد أن أزيحت علته من جهة تأمين السوابل كانت مصر هي الناهضة لمد يد المساعدة إليه في هذا الشأن، وكأنما كتب في اللوح المحفوظ أن يكون محمد طلعت باشا حرب هو الطالع حربا على الخلل والفوضى والإهمال في عمران الشرق، فوجه شطرا من همته العلياء شطر البيت الحرام الذي قد أمرنا الله بأننا حيث ما كنا نولي وجوهنا شطره؛ لئلا يكون للناس علينا حجة، فكان طلعت باشا حرب في هذه الحلبة أيضا هو المجلي، وكان قد بدأ من بضع سنين بتأسيس شركة الملاحة البحرية، وأنشأ البواخر الجواري كالأعلام البالغة الحد الأقصى من أسباب الراحة والانتظام؛ مثل: زمزم، والكوثر، وغيرهما مما قد سبق الكلام عليه، وحصل بذلك من الفرج لحجاج بيت الله الحرام ما تحدثت به الركبان، وشاع ذكره في البلدان، ولكن لم يكن هذا كل ما تسمو إليه همة هذا الرجل من إصلاح عمراني وتنظيم مادي في الحجاز؛ فقصد إلى الأرض المقدسة ونظر في مختلف العلل التي تجب معالجتها، وعرض نتيجة مشاهداته على الحكومة المصرية التي أسرعت في إجابته إلى تقرير اللازم من هذه الإصلاحات الحيوية بالاتفاق مع الحكومة السعودية التي بذلت كل ما في وسعها لأجل تسهيل الاتفاق، وتيسير الارتفاق، فكان ما ستنفقه الحكومة المصرية والحكومة السعودية في هذه النوبة من إصلاحات الحجاز لإنشاء طرق وإنارة كهربائية وتوزيع مياه وتطهيرها وغير ذلك نحوا من مئتين وأربعين ألف جنيه.
وهكذا تكون الدولة المصرية قد نهجت السبيل لجميع الحكومات الإسلامية في العالم أن تشاطر في القيام على قدر إمكانها بما يستلزمه الحجاز من الإصلاحات العصرية التي لا مندوحة عنها في قطر يؤمه المسلمون من المشارق والمغارب سالكين إليه البر والبحر والجو وهو مرشح حتما بواسطة طرق الانتقال الحديثة؛ لزيادة العمران، وتكاثف السكان، وليكون أنموذجا للجمال الصوري والمعنوي، ومثالا لطيب النجعة في الشتاء والصيف، فإن الذي يشتمل عليه الحجاز من المصايف البديعة؛ كالطائف والهدى ووادي محرم ووادي ليه وجبال الشفا العالية ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر - يندر وجود أشباهه في المعمور كما فصلنا ذلك في رحلتنا الحجازية الموسومة «بالارتسامات اللطاف»، لا يعوز هذه الأمكنة الممتازة بطيب هوائها وجودة مناخها وجمال إقليمها سوى الطرق المعبدة للسيارات حتى تقرب المسافات.
وقد نشرت شركة بنك مصر عن الإصلاحات اللازمة للحجاز تقارير وافية قيمة من أقلام المهندسين البارعين الذين أنفذتهم شركة البنك إلى الأراضي المقدسة؛ مثل محمد الجمال بك نائب المدير العام لمعامل الغزل والنسيج المصرية، الذي تكلم عن حالة الحجاز العمومية وقابلية أرضها وما يلزم لهذه البلاد من الأسباب الفنية والمدارس الصناعية، وألم بمشروع المياه الذي يلزم له بناء خزان في مرتفع تعلو عنه عين زبيدة؛ بحيث يسد كل عوز في مكة ومن جهة المياه، وبمشروع إضاءة مكة بالكهرباء، وبمشروع إنشاء طريق صالحة للسيارات من جدة إلى البلد الحرام، أو سكة حديدية توصل بينهما.
ومشروعات أخرى تضمنها هذا التقرير الواضح المفيد الذي ليس فيه محل نظر سوى تخمينه عدد مسلمي المعمور بمئتين وخمسين مليونا، فهذا خطأ فاحش ناشئ عن متابعة إحصاءات قديمة أوروبية غير نزيهة، أو ثمة خطأ مطبعي تصحيحه 350 مليونا (ثلاث مئة وخمسون مليونا) وهذا أيضا دون الواقع كما أوضحنا ذلك بالإحصاءات الرسمية والبراهين الساطعة في مجلتنا «لا ناسيون آراب»؛ ردا على الزاعمين أن عدد المسلمين 260 مليونا، مع أن مسلمي آسية وحدها ينيفون على 260 مليونا، وقد بقي غير داخل في هذا الإحصاء مسلمو إفريقيا الذين يناهزون مئة مليون، ومسلمو أوروبا الذين هم من خمسة إلى ستة ملايين.
अज्ञात पृष्ठ