لن أنسى قولك حين كان يستولي عليك الضجر: أحب أن أتنفس تنفسا عميقا، أحب أن أجلس في فراشي، أحب أن أقوم على رجلي، أحب أن أرى الحديقة، أحب أن أشرب شربة ماء من البئر على نفس واحد.
تضيق نفسك وأنت مضطجعة فتقولين: أجلسوني، تضجرين من غرفتك فتقولين: أخرجوني إلى الإيوان، إلى شرفة المنزل، افتحوا الأبواب، روحوا لي، اسقوني جرعة ماء.
لن أنسى ما حييت يوم أخذت بيدك لأساعدك على المشي، وقد ازرق وجهك، واتسعت حدقتاك من الإعياء وعسر التنفس، فقلت: «أنت تموه علي، انظر إلى حالتي.» فأحسست أن روحي تكاد تخرج من صدري. وقلت لك: بخير أنت، إن شاء الله.
المعلمة.
لن أنسى ما حييت قولك لي: يا خليل، اعمل معروفا أعطني كذا، يا خليل اعمل معروفا ارفعني عن مخدتي، فأعاتبك وأقول: ألي تقولين اعمل معروفا؟! أنا خادمك يا أم سري.
لن أنسى ذلك اليوم الذي أخذناك فيه، فدرجت بنا السيارة من مكان إلى آخر؛ لأنك كنت مشتاقة أن تتركي فراشك الذي طالت ملازمتك له، وأن تري الدنيا التي كنت وكنا نحبها، كأننا أخذناك لتودعي الدنيا، لتلقي عليها النظرة الأخيرة!
لن أنسى يوم أقامت مدرسة دمية وهالة حفلتها الأخيرة، تلك الحفلة التي كنت تحبين أن تشهديها لأنها حفلة الشهادة، فكان وجهك في ذلك اليوم أشبه بوجوه الملائكة، حتى إن إحدى السيدات الأجنبيات راحت تقول: إنك كنت أجمل من في الحفلة، وقد كان ذلك اليوم آخر يوم خرجت فيه من البيت.
لو كانت تلك الحفلة معرض جمال، لأخذت الجائزة الأولى، ولأقاموا لك عرشا، وأعلنوا أنك سلطانة الجمال، وقالوا بلسان الشاعر:
أنيري مكان البدر إن أفل البدر
أو بلسان صديقنا الشاعر الكبير معروف الرصافي:
अज्ञात पृष्ठ