Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
शैलियों
فراسة المنصور
ومن دقيق الفطنة ودقيق الفراسة أن المنصور جاءه رجل فأخبره أنه خرج في تجارةٍ فكسب مالًا فدفعه إلى امرأته ثم طلبه منها، فذكرت أنه سرق من البيت، ولم يرَ نقبًا ولا أمارة -الجدران سليمة وما عليها أثر اقتحام للبيت أو سرقة- فقال المنصور: منذُ كم تزوجتها؟ قال: منذُ سنة، قال: بكرًا أو ثيبًا؟ قال: ثيبًا، يعني: كانت عند زوج من قبل، فوقع في نفسه احتمال أن تكون متعلقة برجل من قبل، قال: فلها ولدٌ من غيرك؟ قال: لا.
فدعا المنصور بقارورة طيبٍ كان يتخذُ له، حاد الرائحة غريب النوع لا يوجد له أي مثيل، فدفعها إليه، وقال له: تطيب من هذا الطيب فإنه يذهب غمك، فلما خرج الرجل من عنده قال المنصور لأربعة من ثقاته: ليقعد على كل باب من أبواب المدينة واحدٌ منكم، فمن شم منكم رائحة هذا الطيب من أحدٍ فليأت به، وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى امرأته فلما شمته بعثت به إلى رجلٍ كانت تحبه، وقد كان للذي دفعت إليه المال، سرقت من زوجها وأعطت الرجل، والآن أعطته الطيب، فتطيب منه ذلك الرجل ومر مجتازًا ببعض أبواب المدينة فشم الموكل بالباب رائحته عليه، فأتى به إلى المنصور، فسأله من أين لك هذا الطيب؟ فلجلج في كلامه، فدفعه إلى والي الشرطة، وقال: إن أحضر لك كذا وكذا من المال فخلِّ عنه، وإلا فاضربه ألف سوط، فما جرد للضرب حتى أحضر المال على هيئته، فدعا المنصور صاحب المال، فقال: الآن المال سوف يرد إلى صاحبه، لكن بقيت لدينا مشكلة ما هي؟ تعلق المرأة بذلك الرجل، فيريد أن يحل المشكلة أيضًا فقال المنصور للرجل: أرأيت إن رددت عليك المال تحكمني في امرأتك -تقضي لي الحكم فيها- قال: نعم.
قال: هذا مالك وقد طلقت المرأة منك؛ لأجل أن أتاحت المجال للآخر بالحلال أن يعود إليها، والرجل صاحب المال راضٍ بهذا.
4 / 21