Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
शैलियों
الخواطر السيئة والاسترسال فيها
ومن الأمور التي تفسد القلب أيضًا: الخواطر السيئة والاسترسال فيها، وقد ذكرنا قبل قليل أن مجرد مرور الخاطر لا يمكن للإنسان أن يدفعه بل لابد أن يخطر ببالك شيء، لكن الخطر عندما تسترسل في الخواطر السيئة وتتمادى فيها، فإن مبدأ كل عمل خواطر وأفكار، الخاطرة تصبح فكرة، والفكرة تصبح تصورًا، والتصورات تدعو للإرادة، والإرادة تقتضي وقوع الفعل، وإذا وقع الفعل بكثرة وتكرر وصار عادة، فأنى لهم بعد ذلك أن يغيروا.
فإذًا: متى تصلح أعمالك؟ إذا صلحت خواطرك التي تخطر في قلبك ونفسك، وصارت خواطر طيبة، وإذا صارت الخواطر السيئة دائمًا تخطر ببال الإنسان كالفواحش والحرام، والكسب المحرم، ويخطر بباله الظلم وأنه يريد أن يبطش.
إذا كثرت الخواطر السيئة والإنسان لم يدافعها ولا استعاذ بالله منها، واسترسل فيها وتمادى، تتحول إلى ملكات في النفس راسخة، ثم تضغط على الجوارح حتى تصبح فعلًا، فيفعل ما خطر بباله من المحرمات، والإنسان لا يمكنه منع نفسه من الخواطر، إلا أن قوة الإيمان تعين على دفع الخواطر الرذيلة.
انظر إلى حال الصحابة، يعني: أحيانًا تأتي لأحدهم الخواطر في ذات الله ﷾، (قالوا: يا رسول الله! إن أحدنا ليجد في نفسه ما أن يحترق حتى يصير حممًا، أحب إليه من أن يتكلم به) تأتينا أحيانًا خواطر في ذات الله، لو أني ترديت من جبل أو احترقت حتى صرت فحمًا ولا أن أتكلم به، فقال ﵊: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ذاك صريح الإيمان) يعني: إذا أنت توصلت إلى التحرج من هذه الخواطر لدرجة أنك تتردى من جبل، وتهلك وتحترق ولا تتكلم بها معناه أنك إنسان عندك إيمان قوي، ولذلك خنس الشيطان في نفسك ولم يقدر عليك إلا بهذه الخواطر تكرهها وتدافعها ما استطعت، والله ﷾ خلق النفس شبيهة الرحى، ما هو الرحى؟ آلة الطحن، ولا تسكن، خلق النفس شبيهة بالرحى لا تسكن، هذا تمثيل جيد، ذكره ابن القيم ﵀ وهذه الرحى التي لا تسكن لا بد لها من حب تطحنه، فإذا طحنت حبًا خرج دقيقًا جديدًا، كان الحب قمحًا فخرج طحينًا جيدًا، وإذا كان ترابًا وحصىً ماذا يخرج الطحن؟ وإذا كان في الطاحون شيء من القمح، ثم جاء إنسان بسطل من التبن وفتح الطاحون ووضعه فيه، فماذا سيحدث؟ يختلط الطيب والرديء، فانظر في نفسك ما هي الأفكار التي تدور فيها؟ فإذا كان ما يدور في نفسك قمحًا جيدًا ستكون النتيجة عملًا جيدًا، ودقيقًا نافعًا.
وإذا كانت الخواطر التي تدور في نفسك خواطر سوء معناها أن النتيجة التي ستخرج بعد الطحن ستكون أعمالًا سيئة، وإذا كان مخلوط بينهما، يخرج لك مثل الدقيق المخلوط بالتبن والعلف وهذا حال النفس وما يأتي فيها من الخواطر الطيبة والرديئة.
3 / 11