Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais
دروس للشيخ عبد الرحمن السديس
शैलियों
عدم اقتصار العبادة على الشعارات أو الشعائر
أيها الإخوة: عبادتنا لله ﷿ وسام شرف نحمله في أعناقنا وفي صدورنا ينبغي ألا نفرط فيه، ولا يفوتني أن أنبه أن العبادة التي يأمرنا الله ﷿ بها في هذه الآية وفي غيرها من آيات كتاب الله العزيز ليست مقصورة على الشعارات أو الشعائر، إنها ليست مقصورة على الشعائر التعبدية التي جاء بها الإسلام، وإن كانت في الحقيقة هي جزٌ كبيرٌ في العبادة، ولكن ليست هي العبادة، وإنما هي جزءٌ منها، ولهذا عرف أهل الإسلام العبادة بأنها: اسمٌ جامعٌ -معناها: واسع- لكل ما يحبه الله ويرضاه من قول أو فعل فإنه داخلٌ ضمن هذه العبادة سواء كان ظاهرًا من الأعمال التي يراها الناس وتفعل، أو من الأمور الباطنة الأمور القلبية التي لا يعلمها إلا الله جل وعلا.
وبهذه المناسبة أنبه الإخوة العاملين في كل مجال من مجالات الحياة الذين يعملون الأعمال المادية، الذين يعملون في هذا الثغر مثلًا في الخطوط السعودية، أو غيرها من الأعمال في قيامهم بخدمة إخوانهم المسافرين، في قيامهم بأعمالهم هذه إعفافًا لأنفسهم، وبحثًا عن لقمة العيش، وسدادًا لأسرهم ومن يعولون أنهم في عبادة إذا أخلصوا النية لله، المزارع في عبادة لله ﷿ إذا غرس وبذر وحصد إخلاصًا لله ﷿ وتقويةً على العبادة، وإقامةً لجسده، وسدًا لحاجة أسرته وحاجته ﴿إنك إن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس﴾ فالإنسان في عبادة في أي عمل عمله، الموظف في وظيفته، والتاجر في متجره، وكل إنسان في عمله متى ما أخلص النية لله -وهذا شرط مهم- واحتسب الأجر عند الله، وأخذ من هذه الوظيفة عونًا له على عبادة الله، وسدادًا له وقيامًا له بحاجاته وحاجات أسرته، فإنه في عبادةٍ يؤجر عليها، لم أقل هذا أنا، وإنما قاله المعصوم ﵊ حبيبنا وقدوتنا وأسوتنا وسيدنا بأبي هو وأمي ﵊، يقول: ﴿وفي بضع أحدكم صدقة﴾ حتى معاشرة الرجل لأهله وزوجته يؤجر، وهي صدقة يتصدق بها على نفسه، وعلى زوجه، الصحابة ﵃ عجبوا من هذا، فقالوا: ﴿يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟!﴾ هذه الشهوة والغريزة التي ركبت في الإنسان لا غنى له من إخراجها في طريق الحلال، أو في طريق الحرام والعياذ بالله ولكن طريق الحرام مغلق، فتصرف في طريق الحلال لا غنى له عن ذلك يؤجر على ذلك قال: ﴿أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر﴾.
فهذه العبادة التي قام بها النبي ﷺ، وقامت بها أمته من بعده، ويجب على الأمة الإسلامية أن تقوم بها خير قيام في كل أمورها في أمور الأعمال، وفي أمورها الوظيفية، وفي أمورها الأسرية، وفي أمور البيت والأسرة، وفي غير ذلك من الأعمال التي يقوم بها كل إنسان عليه أن يعلم أنه في عبادة إذا أحسن النية وأخلصها لله جل وعلا، كذلك الأقوال التي يكون فيها دلالة على الخير، أو فيها كلام مباح، أو فيها سؤال عن الحال، أو فيها انشغال عن المحرمات كل ذلك يؤجر عليه الإنسان، لكن لا يفوتنا أن نستصحب إخلاص النية والاحتساب للأجر من الله جل وعلا، هذه هي القضية الأولى التي شملتها هذه الآية، وهي قضية العبادة.
35 / 8