123

Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

शैलियों

أهمية التذكير بحسن الخاتمة وسوئها إخوة الإيمان! ما دمنا جميعًا نوقن بأن الموت نهاية كل حي في هذه الدنيا، وأن بابه سيلجه كل أحد، وكأسه تتحساها كل نفس، وأنه خاتمة المطاف ونهاية التطواف في عالم الدنيا، فإنه يجدر بنا ونحن نودع في هذه الأيام عامًا هجريًا كاملًا، ونختتم سنة من أعمارنا، أن نقف وقفة حازمة مع النفوس، نذكرها بهذه الخاتمة، وأهميتها في حياة الإنسان، والإشارة إلى الوسائل والعلامات والصفات لحسن الخاتمة، والتحذير من أسباب سوئها عياذًا بالله. وتأتي أهمية هذا الموضوع، من أن كل إنسان يطلب حسن الخاتمة، وينشد الميتة الحسنة؛ ليفوز بما بعدها، ويخشى من سوء الخاتمة، وميتة السوء؛ لشدة ما بعدها وهوله، إضافة إلى داء الغفلة، وقسوة القلوب الذي بُلي به كثير من الناس. وأيضًا: فإن مناسبة الزمان، واختتام العام يتطلب ذلك، والله المسئول أن ينفعنا جميعًا بِما نسمع، إنه جواد كريم. أيها الإخوة في الله! لقد جاء في كتاب الله سبحانه التأكيد على أهمية حسن الخاتمة. يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢]. ويقول سبحانه: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:٩٩]. فالأمر بتقوى الله وعبادته مستمر حتى الموت؛ لتحصل الخاتمة الحسنة، وقد ورد أن الأعمال بالخواتيم، وإذا كان الإنسان لا يدري متى يفجؤه الأجل، ولا متى يباغته الموت، فإن عليه أن يستعد لهذه اللحظة المفاجئة بالعمل الصالح، لا فرق في ذلك بين الكبير والصغير، والغني والفقير، والشريف والحقير، والمأمور والأمير، والشاب والشيخ، والذكر والأنثى، الكل متجرع مرارة الموت لا محالة. فالخوف كل الخوف أن تفاجئ الإنسان هذه اللحظات القاسية، وهو على حال سيئة، ولذلك كان السلف الصالح ﵏ يخافون من سوء الخاتمة خوفًا شديدًا مع كثرة أعمالهم الصالحة ﵃، قال بعضهم: خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطْرة، وعند كل حركة، وهم الذين وصفهم الله بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون:٦٠]. وينبغي أن يكون الخوف من سوء الخاتمة ماثلًا في كل لحظة أمام عين الإنسان؛ لأن الخوف باعث على العمل. وقد قال ﷺ فيما رواه الترمذي وغيره: ﴿من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة﴾. لكن إذا أحس العبد بدنو أجله، فينبغي أن يغلب جانب الرجاء لقوله ﷺ فيما رواه مسلم في صحيحه: ﴿لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسن الظن بالله ﷿﴾ وبهذا يُعْلَم يا عباد الله أنه من الخطأ والإفلاس أن يعتمد بعض الناس على سعة رحمة الله، وعفوه ومغفرته، فيدفعهم ذلك إلى الاسترسال في المعاصي، والاستمرار على المحرمات، فيندمون عند مفاجأة الأجل ولات ساعة مندم.

18 / 3