ولا بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى - مثلًا لا حصرًا - مائتي حديث، فأخطأ في عشرين حديثًا وتوبع في ثمانين. فالعشرون التي أخطأ فيها من ضعيف حديثه. والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه. أما المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعًا ولا مخالفًا فهي من قبيل (الحسن) . ومن حاله كهذا: عاصم بن أبي النجود، فقد روى جملة كثيرة من الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعًا فهو صحيح، وما وجدنا له به مخالفًا أوثق منه عددًا أو حفظًا فهو من ضعيف حديثه. وما لم نجد له متابعًا ولا مخالفًا فهو (حسن) . وممن حاله كحال عاصم: «عبيدة بن حميد الكوفي، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ، وداود بن بكر بن أبي الفرات، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، ويونس بن أبي إسحاق، وسماك بن حرب» .
وهذا الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم نجد من فصّله هكذا. وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم. وقد يتساءل إنسانٌ بأن من قيل فيهم: صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم عليهم تجريحًا وتعديلًا. وجواب ذلك: أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه الراوي هو الغالب من حديثه، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالبًا، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلًا، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ، وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين.
ولذا نجد الحافظ ابن عدي في الكامل، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحيانًا ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى، والله أعلم.
1 / 10